فانقلب مرفوعا ثم استكن في الصفة المشبهة. وأن يكون * (الحكيم) * فعيلا بمعنى مفعل كما قالوا: عقدت العسل فهو عقيد أي معقد وهذا قليل، وقيل: هو بمعنى حاكم، وتمام الكلام في هذه الآية قد تقدم في الكلام على نظيرها.
* (هدى ورحمة للمحسنين) *.
* (هدى ورحمة) * بالنصب على الحالية من * (آيات) * والعامل فيهما معنى الإشارة على ما ذكره غير واحد وبحث فيه.
وقرأ حمزة. والأعمش. والزعفراني. وطلحة. وقنبل من طريق أبي الفضل الواسطي. ونظيف بالرفع على الخبر بعد الخبر - لتلك - على مذهب الجمهور أو الخبر المحذوف أي هي أو هو هدى ورحمة عظيمة * (للمحسنين) * أي العاملين الحسنات، والجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة للمتعاطفين، وقوله تعالى:
* (الذين يقيمون الصلواة ويؤتون الزكواة وهم بالاخرة هم يوقنون) *.
* (الذين يقيمون الصلواة ويؤتون الزكواة وهم بالآخرة هم يوقنون) * إما مجرور على أنه صفة كاشفة أو بدل أو بيان لما قبله، وإما منصوب أو مرفوع على القطع وعلى كل فهو تفسير للمحسنين على طريقة قول أوس بن حجر: الألمعي الذي يظن بك الظن * كأن قد رأى وقد سمعا فقد حكي عن الأصمعي أنه سئل عن الألمعي فأنشده ولم يزد عليه، وهذا ظاهر على تقدير أن يراد بالحسنات مشاهيرها المعهودة في الدين، وأما على تقدير أن يراد بها جميع ما يحسن من الأعمال فلا يظهر إلا باعتبار جعل المذكورات بمنزلة الجميع من باب " كل الصيد في جوف الفرا "، وقيل: إذا أريد بالحسنات المذكورات يكون الموصول صفة كاشفة وقوله تعالى:
* (أولائك على هدى من ربهم وأولائك هم المفلحون) *.
* (أولائك على هدى من ربهم وأولائك هم المفلحون) * استئنافا، وإذا أريد بها جميع ما يحسن من الأعمال وكان تخصيص المذكورات بالذكر لفضل اعتداد بها يكون الموصول مبتدأ وجملة * (أولئك على هدى) * الخ خبره والكلام استئناف بذكر الصفة الموجبة للاستئهال.
وقيل: إن الموصول على التقديرين صفة إلا أنه على التقدير الأول كاشفة وعلى التقدير الثاني صفة مادحة للوصف لا للموصوف، وبناء * (يوقنون) * على * (هم) * للتقوى، وأعيد الضمير للتأكيد ولدفع توهم كون * (بالآخرة) * خبرا وجبرا للفصل بين المبتدأ وخبره ولم يؤخر الفاصل للفاصلة.
وذكر بعض أجلة المفسرين في قوله تعالى أول سورة (النمل: 3): * (وهم بالآخرة هم يوقنون) * إن بناء * (يوقنون) * على * (هم) * يدل على أن مقابليهم ليسوا من اليقين في ظل ولا فىء وإن تقديم * (في الآخرة) * يدل على أن ما عليه مقابلوهم ليس من الآخرة في شيء وذلك لإفادة تقديم الفاعل المعنوي وتقديم الجار على متعلقه الاختصاص فانظر هل يتسنى نحو ذلك هنا، وقد مر أول سورة البقرة ما يعلم منه وجه اختيار اسم الإشارة ووجه تكراره، وفي الآية كلام بعد لا يخفى على من راجع ما ذكروه من الكلام على ماي شبهها هناك وتأمل فراجع وتأمل.
* (ومن الناس من يشترى لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولائك لهم عذاب مهين) *.
* (ومن الناس) * أي بعض من الناس أو بعض الناس * (من يشتري لهو الحديث) * أي الذي أو فريق يشتري على أن مناط الإفادة والمقصود بالأصالة هو اتصافهم بما في حيز الصلة أو الصفة لا كونهم ذوات أولئك المذكورين، والجملة عطف على ما قبلها بحسب المعنى كأنه قيل: من الناس هاد مهدي ومنهم ضال مضل أو عطف قصة على قصة، وقيل: إنها حال من فاعل الإشارة أي أشير إلى آيات الكتاب حال كونها هدى