ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى * وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي وجوز كونه مما نزل فيه الفعل منزلة المصدر فلا تقدر أن بل الفعل مستعمل في جزء معناه وهو الحدث مقطوع فيه النظر عن الزمان فيكون اسما في صورة الفعل فيريكم بمعنى الرؤية، وحمل على ذلك في المشهور قولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وجوز فيه أن يكون مما حذف فيه أن وأيد بأنه روى فيه تسمع بالنصب أيضا ولم يرتضه بعض الأجلة لأن المعنى ليس على الاستقبال، وأما أن تراه فالاستقبال فيه بالنسبة إلى السماء فلا ينافيه، ومثله قوله: فقالوا ما تشاء فقلت الهو * إلى الاصباح آثر ذي أثير ورجح الحمل على التنزيل منزلة اللازم دلالة على أنه كالحال اهتماما بشأن المراد لقوله: آثر ذي أثير، والتعليل) * بأن ما تشاء سؤال عما يشاؤه في الحال وأن للاستقبال ليس بالوجه لأن المشيئة تتعلق بالمستقبل أبدا، وقال " الجامع الأصفهاني ": تقدير الآية ومن آياته آية يريكم البرق على أن * (يريكم) * صفة وحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه كما في قوله: وما الدهر إلا تارتان فمنهما أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح * أي فمنهما تارة أموت قيل فلا بد من راجع فقد فيها أو بها، ونص على الثاني الرماني كما في " البحر " وكلاهما لا يسد - كما في " الكشف " - عليه المعنى، وقيل: التقدير ومن آياته البرق ثم استؤنف يريكم البرق، وقيل: * (من آياته) * حال من البرق أي يريكم البرق حال كونه من آياته، وجوز أبو حيان تعلقه بيريكم و * (من) * لابتداء الغاية وفيه مخالفة لنظرائه.
وفي " الكشف " لعل الأوجه أن يكون من آياته خبر مبتدأ محذوف أي من آياته ما يذكر أو ما يتلى عليكم ثم قيل: * (يريكم البرق) * بيانا لذلك ثم قال: وهذا أقل تكلفا من الكل، وأنت تعلم أن الأوجه ما توافق الآية به نظائرها.
* (خوفا) * أي من الصواعق * (وطمعا) * في المطر قاله الضحاك، وقال قتادة: خوفا للمسافر لأنه علامة المطر وهو يضره لعدم ما يكنه ولا نفع له فيه وطمعا للمقيم، وقيل: خوفا أن يكون خلبا وطمعا أن يكون ما طرأ وقال ابن سلام: خوفا من البرد أن يهلك الزرع وطمعا في المطر ونصهما على العلة عند الزجاج، وهو على مذهب من لا يشترط في نصب المفعول له اتحاد المصدر والفعل المعلل في الفاعل ظاهر، وأما على مذهب الأكثرين المشترطين لذلك فقيل في توجيهه: إن ذلك على تقدير مضاف أي إرادة خوف وطمع أي على تأويل الخوف والطمع بالإخافة والاطماع أما بأن يجعل أصلهما ذلك على حذف الزوائد أو بأن يجعلا مجازين عن سببيهما.
وقيل: إن ذلك لأن إراءتهم تستلزم رؤيتهم فالمفعولون فاعلون في المعنى فكأنه قيل: لجعلكم رائين خوفا وطمعا.
واعترض بأن الخوف والطمع ليسا غرضين للرؤية ولا داعيين لها بل يتبعانها فكيف يكونان علة على فرض الاكتفاء بمثل ذلك عند المشترطين، ووجه بأنه ليس المراد بالرؤية مجرد وقوع البصر بل الرؤية القصدية بالتوجه والالتفات فهو مثل قعدت عن الحزب جبنا ولم يرتض ذلك أبو حيان أيضا ثم قال: لو قيل على مذهب المشترطين أن التقدير يريكم البرق فترونه خوفا وطمعا فحذف العامل للدلالة عليه لكان إعرابا سائغا، وقيل: لعل الأظهر