تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٦٥
القائلين، وردا بأن فيهما الفصل بين أبعاض الصلة، وتعقب بأن الفاصل من متعلقات الصلة وإنما يظهر الرد على كونه حالا من * (المعوقين) * لأنه قد عطف على الموصول قبل تمام صلته.
وقرأ ابن أبي عبلة * (أشحة) * بالرفع على إضمار مبتدأ أي هم أشحة * (فإذا جاء الخوف) * من العدو وتوقع أن يستأصل أهل المدينة * (رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم) * أي أحداقهم أو بأحداقهم على أن الباء للتعدية فيكون المعنى تدير أعينهم أحداقهم، والجملة في موضع الحال أي دائرة أعينهم من شدة الخوف.
* (كالذي يغشى عليه من الموت) * صفة لمصدر * (ينظرون) * أو حال من فاعله أو لمصدر * (تدور) * أو حال من * (أعينهم) * أي ينظرون نظرا كائنا كنظر المغشي عليه من معالجة سكرات الموت حذرا وخوفا ولو إذا بك أو ينظرون كائنين كالذي الخ أو تدور أعينهم دورانا كائنا كدوران عين الذي الخ أو تدور أعينهم كائنة كعين الذي الخ، وقيل: معنى الآية إذا جاء الخوف من القتال وظهر المسلمون على أعدائهم رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم في رؤيتهم وتجول وتضطرب رجاء أن يلوح لهم مضرب لأنهم يحضرون على نية شر لا على نية خير، والقول الأول هو الظاهر * (فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد) * أي أذوكم بالكلام وخاصموكم بألسنة سلطة ذربة قاله الفراء، وعن قتادة بسطوا ألسنتهم فيكم وقت قسمة الغنيمة يقولون: أعطونا أعطونا فلستم بأحق بهامنا، وقال يزيد بن رومان: بسطوا ألسنتهم في أذاكم وسبكم وتنقيص ما أنتم عليه من الدين.
وقال بعض الأجلة: أصل السلق بسط العضو ومده للقهر سواء كان يدا أو لسانا فسلق اللسان بإعلان الطعن والذم وفسر السلق هنا بالضرب مجازا كما قيل للذم طعن، والحامل عليه توصيف الألسنة بحداد، وجوز أن يشبه اللسان بالسيف ونحوه على طريق الاستعارة المكنية ويثبت له السلق بمعنى الضرب تخييلا، وسأل نافع بن الأزرق ابن عباس رضي الله تعالى عنه عن السلق في الآية فقال: الطعن باللسان قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ فقال: نعم أما سمعت قول الأعشى: فيهم الخصب والسماحة والنجدة * فيهم والخاطب المسلاق وفسره الزجاج بالمخاطبة الشديدة قال: معنى سلقوكم خاطبوكم أشد مخاطبة وأبلغها في الغنيمة يقال: خطيب مسلاق وسلاق إذا كان بليغا في خطبته، واعتبر بعضهم في السلق رفع الصوت وعلى ذلك جاء قوله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من سلق أو حلق " قال في النهاية أي رفع صوته عند المصيبة، وقيل: أن تصك المرأة وجهها وتمرشه، والأول أصح، وزعم بعضهم أن المعنى في الآية بسطوا ألسنتهم في مخادعتكم بما يرضيكم من القول على جهة المصانعة والمجاملة، ولا يخفى ما فيه، وقرأ ابن أبي عبلة * (صلقوكم) * بالصاد.
* (أشحة على الخير) * أي بخلاء حريصين على مال الغنائم على ما روى عن قتادة، وقيل: على ما لهم الذين ينفقونه، وقال الجبائي: أي بخلاء بأن يتكلموا بكلام فيه خير، وذهب أبو حيان إلى عموم الخير. ونصب * (أشحة) * على الحال من فاعل * (سلقوكم) * أو على الذم، ويؤيده قراءة ابن أبي عبلة * (أشحة) * بالرفع لأنه عليه خبر مبتدأ محذوف أي هم * (أشحة) * والجملة مستأنفة لا حالية كما هو كذلك على الذم، وغاير بعضهم بين الشح هنا والشح فيما مر بأن ما هنا مقيد بالخير المراد به مال الغنيمة وما مر مقيد بمعاونة المؤمنين ونصرتهم أو بالانفاق
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»