تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٠٥
وابن عامر. وأبو بكر * (تدعون) * بتاء الخطاب.
* (ألم تر أن الفلك تجرى فى البحر بنعمت الله ليريكم من ءاي‍اته إن فى ذلك لاي‍ات لكل صبار شكور) *.
* (ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمت الله) * استشهاد أخر على باهر قدرته جل وعلا وغاية حكمته عز وجل وشمول انعامه تبارك وتعالى، والمدار بنعمة الله تعالى إحسانه سبحانه في تهيئة أسباب الجري من الريح وتسخيرها فالباء للتعدية كما في مررت بزيد أو سببية متعلقة بتجري. وجوز أن يراد بنعمته تعالى ما أنعم جل شأنه به مما تحمله الفلك من الطعام والمتاع ونحوه فالباء للملابسة والمصاحبة متعلقة بمحذوف وقع حالا من ضمير الفلك أي جري مصحوبة بنعمته تعالى؛ وقرأ موسى بن الزبير * (الفلك) * بضم اللام ومثله معروف في فعل مضموم الفاء.
حكى عن عيسى بن عمر أنه قال: ما سمع فعل بضم الفاء وسكون العين إلا وقد سمع فيه فعل بضم العين.
وفي " الكشاف " كل فعل يجوز فيه فعل كما يجوز في كل فعل فعل، وجعل ضم العين للاتباع وإسكانها للتخفيف.
وقرأ الأعرج. والأعمش. وابن يعمر * (بنعمات الله) * بكسر النون وسكون العين جمعا بالألف والتاء وهو جمع نعمة بكسر فسكون، ويجوز كما قال غير واحد في كل جمع مثله تسكين العين على الأصل وكسرها اتباعا للفاء وفتحها تخفيفا.
وقرأ ابن أبي عبلة * (بنعمات الله) * بفتح النون وكسر العين جمعا لنعمة بفتح النون وهي اسم للتنعم، وقيل: بمعنى النعمة بالكسر * (ليريكم من آياته) * أي بعض دلائل ألوهيته تعالى ووحدته سبحانه وقدرته جل شأنه وعلمه عز وجل، وقوله تعالى: * (إن في ذالك ايات لكل صبار شكور) * تعليل لما قبله أي إن فيما ذكر لآيات عظيمة في ذاتها كثيرة في عدها لكل مبالغ في الصبر على بلائه سبحانه ومبالغ في الشكر على نعمائه جل شأنه.
و * (صبار شكور) * كناية عن المؤمن من باب حي مستوى القامة عريض الأظفار فإنه كناية عن الإنسان لأن هاتين الصفتين عمدتا الايمان لأنه وجميع ما يتوقف عليه إما ترك للمألوف غالبا وهو بالصبر أو فعل لما يتقرب به وهو شكر لعمومه فعل القلب والجوارح واللسان، ولذا ورد الايمان نصفان نصف صبر ونصف شكر، وذكر الوصفين بعد الفلك فيه أتم مناسبة لأن الراكب فيه لا يخلو عن الصبر والشكر، وقيل: المراد بالصبار كثير الصبر على التعب في كسب الأدلة من الأنفس والآفاق وإلا فلا اختصاص للآيات بمن تعب مطلقا وكلا الوصفين بنيا بناء مبالغة، وفعال على ما في " البحر " أبلغ من فعول لزيادة حروفه، قيل: وإنما اختير زيادة المبالغة في الصبر إيماء إلى أن قليله لشدة مرارته وزيادة ثقله على النفس كثير.
* (وإذا غشيهم موج ك الظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نج‍اهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بااي‍اتنآ إلا كل ختار كفور) *.
* (وإذا غشيهم موج) * أي علاهم وغطاهم من الغشاء بمعنى الغطاء من فوق وهو المناسب هنا، وقيل: أي أي أتاهم من الغشيان بمعنى الاتيان وضمير * (غشيهم) * أن اتحد بضمير المخاطبين قبله ففي الكلام التفات من الخطاب إلى الغيبة وإلا فلا التفات، والموج ما يعلو من غوارب الماء وهو اسم جنس واحدة موجة وتنكيره للتعظيم والتكثير، ولذا أفرد مع جمع المشبه به في قوله تعالى: * (كالظلل) * وهو جمع ظلة كغرفة وغرف وقربة وقرب، والمراد بها ما أظل من سحاب أو جبل أو غيرهما.
وقرأ الراغب: الظلة السحابة تظل وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره، وفسر قتادة الظلل هنا بالسحاب،
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»