وفضل بن زرقان * (أفكا) * بفتح الهمزة وكسر الفاء على أنه مصدر كالكذب واللعب أو وصف كالحذر وقع صفة لمصدر مقدر أي خلقا أفكا أي ذا أفك * (إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا) * بيان لشرية ما يعبدونه من حيث أنه لا يكاد يجديهم نفعا، و * (رزقا) * يحتمل أن يكون مصدرا مفعولا به ليملكون، والمعنى لا يستطيعون أن يرزقوكم شيئا من الرزق، وأن يكون بمعنى المرزوق أي لا يستطيعون، إيتاء شيء من الرزق وجوز على المصدرية أن يكون مفعولا مطلقا ليملكون من معناه أو لمحذوف والأصل لا يملكون أن يرزقوكم رزقا وهو كما ترى ونكر كما قال بعض الأجلة: للتحقير والتقليل مبالغة في النفي، وخص الرزق لمكانته من الخلق * (فابتغوا عند الله الرزق) * أي كله على أن تعريف الرزق للاستغراق. قال الطيبي: هذا من المواضع التي ليست المعرفة المعادة عين الأول فيها، وجوز أن تكون عين الأول بناء على أن كلا منهما مستغرق * (واعبدوه) * عز وجل وحده * (واشكروا له) * على نعمائه متوسلين إلى مطالبكم بعبادته مقيدين بشكره تعالى للعتيد ومستجلبين به للمزيد، فالجملتان ناظرتان لما قبلهما، وجوز أن يكون ناظرتين لقوله تعالى: * (إليه ترجعون) * كأنه قيل: استعدوا للقائه تعالى بالعبادة والشكر فإنه إليه ترجعون، وجوز بعض المحققين أن تكون هذه الجملة تذييلا لجملة ما سبق مما حكى عن إبراهيم عليه السلام أو لأوله، والمعنى إليه تعالى لا إلى غيره سبحانه ترجعون بالموت ثم بالبعث فافعلوا ما أمرتكم به وما بينهما اعتراض لتقرير الشرية كما سمعت. وقرىء * (ترجعون) * بفتح التاء من رجع رجوعا.
* (وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين) * * (وإن تكذبوا) * عطف على مقدر تقديره فإن تصدقوني فقد فزتم بسعادة الدارين وإن تكذبوا أي تكذبوني فيما أخبرتكم به من أنكم إليه تعالى ترجعون بالبعث * (فقد كذب أمم من قبلكم) * وهذا تعليل للجواب في الحقيقة، والأصل فلا تضرونني بتكذيبكم فإنه قد كذب أمم قبلكم رسلهم وهم شيث. وإدريس. ونوح. وهود. وصالح عليهم السلام فلم يضرهم تكذيبهم شيئا وإنما ضر أنفسهم حيث تسبب لما حل بهم من العذاب فكذا تكذيبكم إياي * (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) * أي التبليغ الذي لا يبقى معه شك وما عليه أن يصدقه قومه البتة وقد خرجت عن عهدة التبليغ بما لا مزيد عليه فلا يضرني تكذيبكم بعد ذلك أصلا.
وهذه الآية أعني * (وإن تكذبوا) * الخ على ما ذكرنا من جملة قصة إبراهيم عليه السلام وكذا ما بعد على ما قيل إلى قوله تعالى: * (فما كان جواب قومه) * (النمل: 56) وجوز أن يكون ذلك اعتراضا بذكر شأن النبي صلى الله عليه وسلم وقريش وهدم مذهبهم والوعيد على سوء صنيعهم توسط بين طرفي القصة من حيث إن مساقها لتسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم والتنفيس عنه بأن أباه خليل الرحمن كان مبتلى بنحو ما ابتلى به من شرك القوم وتكذيبهم وتشبيه حاله فيهم بحال إبراهيم عليهما الصلاة والسلام، قالوا: وفي * (وإن تكذبوا) * اعتراضية، والخطاب منه تعالى أو من النبي صلى الله عليه وسلم على معنى وقل لقريش * (إن تكذبوا) * الخ.
وذهب بعض المحققين إلى أن قوله تعالى: * (إن تكذبوا) * الخ من كلام إبراهيم عليه السلام، وقوله سبحانه:
* (أولم يروا كيف يبدىء الله الخلق ثم يعيده إن ذالك على الله يسير) * * (أو لم يروا كيف يبدىء الله الخلق) * الخ كلام مستأنف مسوق من جهته تعالى للإنكار على تكذيبهم بالبعث مع وضوح دليله، والهمزة لإنكار عدم رؤيتهم الموجب لتقريرها، والواو للعطف على