وقال الطبرسي: المعنى لا تخف علينا وعليك وتحزن بما نفعله بقومك: * (إنا منجوك وأهلك) * فلا يصيبكم ما يصيبهم من العذاب * (إلا امرأتك) * إنها * (كانت) * في علم الله تعالى * (من الغابرين) * وقرأ حمزة والكسائي. ويعقوب * (لننجينه ومنجوك) * بالتخفيف من الإنجاء، ووافقهم ابن كثير في الثاني.
وقرأ الجمهور بشد نون التوكيد، وفرقة بتخفيفها وأيا ما كان فمحل الكاف من منجوك الجر بالإضافة، ولذا حذفت النون عند سيبويه و * (أهلك) * منصوب على إضمار فعل أي وننجي أهلك، وذهب الأخفش. وهشام إلى أن الكاف في محل النصب وأهلك معطوف عليه وحذفت النون لشدة طلب الضمير الاتصال بما قبله للإضافة، قال بعض الأجلة: لا مانع من أن يكون لمثل هذا الكاف محلان الجر والنصب ويجوز العطف عليها بالاعتبارين، وقرأ نافع. وابن كثير. والكسائي * (سيء) * باشمام السين الضم، وقرأ عيسى. وطلحة * (سوء) * بضمها وهي لغة بني هذيل. وبني دبير يقولون في نحو قيل وبيع قول وبوع وعليه قوله: حوكت على نولين إذ تحاك * تحتبط الشوك ولا تشاك * (إنا منزلون على أهل هاذه القرية رجزا من السمآء بما كانوا يفسقون) * * (إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السمآء) * استئناف مسوق لبيان ما أشير إليه بوعد التنجية من نزول العذاب عليهم، والرجز العذاب الذي يقلق المعذب أي يزعجه من قولهم: ارتجز إذا ارتجس واضطرب وقرأ ابن عامر * (منزلون) * بالتشديد. وابن محيصن * (رجزا) * بضم الراء * (بما يفسقون) * أي بسبب فسقهم المعهود المستمر، وقرأ أبو حيوة. والأعمش بكسر السين.
* (ولقد تركنا منهآ ءاية بينة لقوم يعقلون) * * (ولقد تركنا منها) * أي من القرية على ما عليه الأكثر * (ءاية بينة) * قال ابن عباس: هي آثار ديارها الخربة، وقال مجاهد: هي الماء الأسود على وجه الأرض، وقال قتادة: هي الحجارة التي أمطرت عليهم وقد أدركتها أوائل هذه الأمة، وقال أبو سليمان الدمشقي: هي أن أساسها أعلاها وسقوفها أسفلها إلى الآن؛ وأنكر ذوو الأبصار ذلك، وقال الفراء: المعنى تركناها آية كما يقال: إن في السماء آية ويراد أنها آية. وتعقبه أبو حيان بأنه لا يتجه إلا على زيادة * (من) * في الواجب نحو قوله: أمهرت منها جبة وتيسا يريد أمهرتها. وقال بعضهم: إن ذلك نظير قولك: رأيت منه أسدا، وقيل: الآية حكايتها العجيبة الشائعة، وقيل: ضمير * (منها) * للفعلة التي فعلت بهم والآية الحجارة أو الماء الأسود والظاهر ما عليه الأكثر.
ولا يخفى معنى * (من) * على هذه الأقوال * (لقوم يعقلون) * أي يستعملون عقولهم في الاستبصار والاعتبار، فالفعل منزل منزلة اللازم و * (لقوم) * متعلق بتركنا أو ببينة، واستظهر الثاني هذا، وفي الآيات من الدلالة على ذم اللواطة وقبحها ما لا يخفى، فهي كبيرة بالاجماع، ونصوا على أنها أشد حرمة من الزنا وفي " شرح المشارق " للأكمل أنها محرمة عقلا وشرعا وطبعا، وعدم وجوب الحد فيها عند الإمام أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه لعم الدليل عنده على ذلك لا لخفتها، وقال بعض العلماء: إن عدم وجوب الحد للتغليظ لأن الحد مطهر، وفي جواز وقوعها في الجنة خلاف، ففي الفتح قيل: إن كانت حرمتها عقلا وسمعا لا تكون في الجنة وإن كانت سمعا فقط جاز أن تكون فيها، والصحيح أنها لا تكون لأن الله تعالى استبعدها واستقبحها فقال سبحانه: * (إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين) * (العنكبوت: 28) وسماها خبيثة فقال عز وجل: