يكون عطفا على * (يرون) * وجملة * (لا بشرى) * حال بتقدير القول فلا يضر الفصل به، وضمير الجمع على ما استظهره أبو حيان لأنهم المحدث عنهم وحكاه الطبرسي عن مجاهد. وابن جريج للذين لا يرجون أي ويقول أولئك الكفرة * (حجرا محجورا) * وهي كلمة تقولها العرب عند لقاء عدو موتور وهجوم نازلة هائلة يضعونها موضع الاستعاذة حيث يطلبون من الله تعالى أن يمنع المكروه فلا يلحقهم فكأن المعنى نسأل الله تعالى أن يمنع ذلك منعا ويحجره حجرا.
وقال الخليل: كان الرجل يرى الرجل الذي يخاف منه القتل في الجاهلية في الأشهر الحرم فيقول: حجرا محجورا أي حرام عليك التعرض لي في هذا الشهر فلا يبدؤه بشر، وقال أبو عبيدة: هي عوذة للعرب يقولها من يخاف آخر في الحرم أو في شهر حرام إذا لقيه وبينهما ترة، وقال أبو علي الفارسي: مما كانت العرب تستعمله ثم ترك قولهم حجرا محجورا، وهذا كان عندهم لمعنيين، أحدهما: أن يقال عند الحرمان إذا سئل الإنسان فقال ذلك علم السائل أنه يريد أن يحرمه، ومنه قول المتلمس: حنت إلي النخلة القصوى فقلت لها * حجر حرام ألا تلك الدهاريس والمعنى الآخر الاستعاذة كان الإنسان إذا سافر فرأى ما يخاف قال: حجرا محجورا أي حرام عليك التعرض لي انتهى. وذكر سيبويه * (حجرا) * من المصادر المنصوبة غير المتصرفة وأنه واجب إضمار ناصبها، وقال: ويقول الرجل للرجل أتفعل كذا فيقول: حجرا وهي من حجره إذا منعه لأن المستعيذ طالب من الله تعالى أن يمنع المكروه من أن يلحقه والأصل فيه فتح الحاء، وقرىء به كما قال أبو البقاء لكن لما خصوا استعماله بالاستعاذة أو الحرمان صار كالمنقول فلما تغير معناه تغير لفظه عما هو أصله وهو الفتح إلى الكسر وقد جاء فيه الضم أيضا وهي قراءة أبي رجاء. والحسن. والضحاك ويقال فيه حجري بألف التأنيث أيضا؛ ومثله في التغيير عن أصله قعدك الله تعالى بسكون العين وفتح القاف، وحكى كسرها عن المازني وأنكره الأزهري وقعيدك وهو منصوب على المصدرية، والمراد رقيبك وحفيظك الله تعالى ثم نقل إلى القسم فقيل قعدك أو قعيدك الله تعالى لا تفعل، وأصله بإقعاد الله تعالى أي إدامته سبحانه لك وكذا عمرك الله بفتح الراء وفتح العين وضمها وهو منصوب على المصدرية ثم اختص بالقسم، وأصله بتعميرك الله تعالى أي بإقرارك له بالبقاء، وما ذكر من أنه لازم النصب على المصدرية بفعل واجب الإضمار اعترض عليه في " الدر المصون " بما أنشده الزمخشري: قالت وفيها حيدة وذعر * عوذ بربي منكم وحجر فإنه وقع فيه مرفوعا، ووصفه بمحجورا للتأكيد كشعر شاعر وموت مايت وليل أليل، وذكر أن مفعولا هنا للنسب أي ذو حجر وهو كفاعل يأتي لذلك، وقيل: إنه على الإسناد المجازي وليس بذاك، والمعنى أنهم يطلبون نزول الملائكة عليهم السلام وهم إذا رأوهم كرهوا لقاءهم أشد كراهة وفزعوا منهم فزعا شديدا، وقالوا ما كانوا يقولونه عند نزول خطب شنيع وحلول بأس فظيع، وقيل: ضمير يقولون للملائكة وروي ذلك عن أبي سعيد الخدري. والضحاك. وقتادة. وعطية. ومجاهد على ما في " الدر المنثور " قالوا: إن الملائكة يقولون للكفار حجرا محجورا أي حراما محرما عليكم البشرى أي جعلها الله تعالى حراما عليكم.