تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ١٠
خمسمائة عام، ونزول الرب جل وعلا من المتشابه، وكذا قوله: " وحوله الكروبيون " وأهل التأويل يقولون: المراد بذلك نزول الحكم والقضاء، فكأنه قيل: ثم ينزل حكم الرب وحوله الكروبيون أي معه، وأما نزول الملائكة مع كثرتهم وعظم أجسامهم فلا يمنع عنه ما يشاهد من صغر الأرض لأن الأرض يومئذ تمتد بحيث تسع أهلها وأهل السموات أجمعين، وسبحان من لا يعجزه شيء، ثم الخبر الظاهر في أن الملائكة عليهم السلام لا ينزلون في الغمام، وذكر بعضهم في الآية أن السماء تنفتح بغمام يخرج منها، وفي الغمام الملائكة ينزلون وفي أيديهم صحائف الأعمال، وقرأ ابن مسعود. وأبو رجاء دونزل) * ماضيا مبنيا للفاعل مشددا، وعنه أيضا " وأنزل " مبنيا للفاعل وجاء مصدره تنزيلا وقياسه إنزالا إلا أنه لما كان معنى أنزل ونزل واحدا جاء مصدر أحدهما للآخر كما قال الشاعر: حتى تطويت انطواء الخصب كأنه قال: حتى انطويت، وقرأ الأعمش. وعبد الله في نقل ابن عطية " وأنزل " ماضيا رباعيا مبنيا للمفعول، وقرأ جناح بن حبيش. والخفاف عن أبي عمرو " ونزل " ثلاثيا مخففا مبنيا للفاعل، وقرأ أبو معاذ. وخارجة عن أبي عمرو " ونزل " بضم النون وشد الزاي وكسرها ونصب " الملائكة " وخرجها ابن حنى بعد أن نسبها إلى ابن كثير. وأهل مكة على أن الأصل " ننزل " كما وجد في بعض المصاحف فحذفت النون التي هي فاء الفعل تخفيفا لالتقاء النونين، وقرأ أبي " ونزلت " ماضيا مشددا مبنيا للمفعول بتاء التأنيث. وقال صاحب اللوامح عن الخفاف عن أبي عمرو " ونزل " مخففا مبنيا للمفعول و " الملائكة " بالرفع فإن صحت القراءة فإنه حذف منها المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه. والتقدير ونزل نزول الملائكة فحذف النزول ونقل إعرابه إلى الملائكة بمعنى نزل نازل الملائكة لأن المصدر يكون بمعنى الاسم اه‍، وقال الطيبي: قال ابن جنى: نزل بالبناء للفعول غير معروف لأن نزل لا يتعدى إلى مفعول به ولا يقاس بجن حيث أنه مما لا يتعدى إلى المفعول فلا يقال جنة الله تعالى بل أجنة الله تعالى، وقد بني للمفعول لأنه شاذ والقياس عليه مرود فأما أن يكون ذلك لغة نادرة وإما أن يكون من حذف المضاف أي نزل نزول الملائكة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه قال العجاج: حتى إذا اصطفوا له حذارا فحذارا منصوب مصدرا لا مفعولا به يريد اصطفوا له اصطفافا حذارا ونزل نزول الملائكة على حذ قولك: هذا نزول منزول وصعود مصعود وضرب مضروب وقريب منه، وقد قيل قول وقد خيف منه خوف فاعرف ذلك فإنه أمثل ما يحتج به لهذه القراءة اه‍. وهو أحسن من كلام صاحب اللوامح. وعن أبي عمرو أيضا أنه قرأ * (وتنزلت الملائكة) * فهذه مع قراءة الجمهور وما في بعض المصاحف عشرة قراءات وما كان منها بصيغة المضارع وجهه ظاهر، وأما ما كان بصيغة الماضي فوجهه على ما قيل الإشارة إلى سرعة الفعل.
* (الملك يومئذ الحق للرحم‍ان وكان يوما على الك‍افرين عسيرا) * * (الملك يومئذ الحق للرحم‍ان) * أي السلطنة القاهرة والاستيلاء الكلي العام الثابت صورة ومعنى ظاهرا وباطنابحيث لا زوال له ثابت للرحمن يوم إذ تشقق السماء ونزل للملائكة، فالملك مبتدأ و * (الحق) * صفته و * (للرحمن) * خبره و * (يومئذ) * ظرف لثبوت الخبر للمبتدأ، وفائدة التقييد ان ثبوت الملك له تعالى خاصة يومئذ وأما فيما عدداه من أيام الدنيا فيكون لغيره عز وجل أيضا تصرف صوري في الجملة واختار هذا بعض المحققين، ولعل أمر الفصل بين الصفة والموصوف بالظرف المذكور سهل، وقيل: " الملك " مبتدأ و " يومئذ " متعلق به وهو بمعنى
(١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 ... » »»