أو إلى ما لهم في الآخرة بطريق التهكم بهم، هذا وتفسير المستقر والمقيل بالمكانين حسبما سمعت هو المشهور وهو أحد احتمالات تسعة. وذلك أنهم جوزوا أن يكون كلاهما اسم مكان أو اسم زمان أو مصدرا وأن يكون الأول اسم مكان والثاني اسم زمان أو مصدرا وأن يكون الأول اسم زمان والثاني اسم مكان أو مصدرا وأن يكون الأول مصدرا والثاني اسم مكان أو اسم زمان. وما شئت تخيل في خيرية زمان أصحاب الجنة وأحسنيته وكذا في خيرية استقرارهم وأحسنية استراحتهم يومئذ.
* (ويوم تشقق السمآء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا) * * (ويوم تشقق السماء بالغمام) * العامل في * (يوم) * إما اذكر أو ينفرد الله تعالى بالملك الدال عليه قوله تعالى: * (الملك يومئذ الحق للرحمن) * (الفرقان: 25) وقيل العامل ذلك بمعناه المذكور. وقيل: إنه معطوف على * (يومئذ) * أو * (يوم يرون) * و " تشقق " تتفتح والتعبير به دونه للتهويل. وأصله تتشقق فحذفت إحدى التاءين كما في " تلظى " وقرأ الحرميان. وابن عامر بادغام التاء في الشين لما بينهما من المقاربة؛ والظاهر أن المراد بالسماء المظلة لنا وبالغمام السحاب المعروف والباء الداخلة عليه باء السبب. أي تشقق السماء بسبب طلوع الغمام منها. ولا مانع من أن تشقق به كما يشق السنام بالشفرة والله تعالى على كل شيء قدير. وحديث امتناع الخرق على السماء حديث خرافة.
وقيل: باء الحال وهي باء الملابسة. واستظهر بعضهم أي تشقق متغيمة. وقيل: بمعنى عن وإليه ذهب الفراء، والفرق بين قولك انشقت الأرض بالنبات وانشقت عنه أن معنى الأول أن الله تعالى شقها بطلوعه فانشقت به. ومعنى الثانى أن التربة ارتفعت عنه عند طلوعه، وقيل: المراد بالغمام غمام أبيض رقيق مثل الضبابة ولم يكن إلا لبني إسرائيل في تيههم. وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه الغمام الذي يأتي الله تعالى فيه يوم القيامة المذكور في قوله سبحانه: " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام " قال ابن جريج: وهو غمام زعموا أنه في الجنة، وعن مقاتل أن المراد بالسماء ما يعم السموات كلها وتشقق سماء سماء، وروي ذلك عن ابن عباس، فقد أخرج عبد بن حميد. وابن أبي الدنيا في الأهوال. وابن جرير. وابن المنذر. وابن أبي حاتم عنه رضي الله تعالى عنه أنه قرأ هذه الآية إلى قوله تعالى: * (ونزل الملئاكة تنزيلا) * أي تنزيلا عجيبا غير معهود فقال: يجمع الله تعالى الخلق يوم القيامة في صعيد واحد الجن والإنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق فتنشق السماء الدنيا فينزل أهلها وهم أكثر ممن في الأرض من الجن والإنس وجميع الخلق فيحيطون بجميعهم فتقول أهل الأرض: أفيكم ربنا؟ فيقولون: لا، ثم تنشق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن الجن والإنس وجميع الخلق فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والإنس وجميع الخلق ثم تنشق السماء الثالثة فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الثانية والدنيا وجميع الخلق فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم وبالجن والإنس وجميع الخلق، ثم ينزل أهل السماء الرابعة وهم أكثر من أهل الثالثة والثانية والأولى وأهل الأرض، ثم ينزل أهل السماء الخامسة وهم أكثر ممن تقدم، ثم أهل السماء السادسية كذلك، ثم أهل السماء السابعة وهم أكثر من أهل السموات وأهل الأرض، ثم ينزل ربنا في ظلل من الغمام وحوله الكروبيون وهم أكثر من أهل السموات السبع والإنس والجن وجميع الخلق لهم قرون ككعوب القنا وهم تحت العرش لهم زجل بالتسبيح والتهليل والتقديس لله تعالى ما بين أخمص أحدهم إلى كعبه مسيرة خمسمائة عام، ومن فخذه إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام، ومن ترقوته إلى موضع القرط مسيرة خمسمائة عام وما فوق ذلك