وأخرج الشيخان. وأبو داود. والنسائي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ان ناسا من أهل الشرك قد قتلوا فاكثروا ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة فنزلت * (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) * (الفرقان: 68) الآية ونزلت * (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم) * (الزمر: 53) الآية. وقد ذكر الإمام الرازي أن ذكر هذا بعد ما تقدم لأن الموصوف بتلك الصفات قد يرتكب هذه الأمور تدينا فبين سبحانه أن المكلف لا يصير بتلك الخلال وحدها من عباد الرحمن حتى ينضاف إلى ذلك وكنه مجانبا لهذه الكبائر وهو كما ترى، وجوز أن يقال في وجه تقديم التحلية على التخلية كون الأوصاف المذكورة في التحلية أوفق بالعبودية التي جعلت عنوان الموضوع لظهور دلالتها على ترك الأنانية ومزيد الانقياد والخوف والاقتصاد في التصرف بما أذن المولى بالتصرف فيه. ولا يأبى ههذا قصد التعريض بما ذكر في التخلية. ويؤيد هذا القصد التعقيب بقوله عز وجل: * (ومن يفعل ذالك يلق أثاما) * أي ومن يفعل ما ذكر يلق في الآخرة عقابا لا يقادر قدره. وتفسير الأثام بالعقاب مروى عن قتادة. وابن زيد ونقله أبو حيان عن أهل اللغة وأنشد قوله: جزى الله ابن عورة حيث أمسى * عقوقا والعقوق له جزاء وأخرج ابن الأنبارى عن ابن عباس أنه فسره لنافع بن الأزرق بالجزاء وأنشد قول عامر بن الطفيل: وروينا الأسنة من صداه * ولاقت حمير منا أثاما والفرق يسير: وقال أبو مسلم. الأثام الاثم والكلام عليه على تقدير مضاف أي جزاء أثام أو هو مجاز من ذكر السبب وأرادة المسبب، وقال الحسن: هو اسم من أسماء جهنم، وقيل: اسم بئر فيها، وقيل: اسم جبل.
وروي جماعة عن عبد الله بن عمر. ومجاهد أنه واد في جهنم، وقال مجاهد: فيه قيح ودم.
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن شفى الأصبحى أن فيه حيات وعقارب في فقار إحداهن مقدار سبعين قلة من سم والعقرب منهن مثل البغلة الموكفة، وعن عكرمة اسم لاودية في جهنم فيها الزناة. وقرىء " يلق " بضم الياء وفتح اللام والقاف مشددة. وقرأ ابن مسعود. وأبو رجاء " يلقي " بألف كأنه نوى حذف الضمة المثدرة على الألف فأقرب الألف. وقرأ أبو مسعود أيضا * (أياما) * جمع يوم يعني شدائد، واستعمال الأيام بهذا المعنى شائع ومنه يوم ذو أيام وأيام العرب لوقائعهم ومقاتلتهم.
* (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) * * (يضاعف له العذاب يوم القيامة) * بدل من " يلق " بدل كل من كل أو بدل اشتمال. وجاء الإبدال من المجزوم بالشرط في قوله: متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا * تجد حطبا جزلا ونارا تأججا * (ويخلد فيه) * أي في ذلك العذاب المضاعف * (مهانا) * ذليلا مستحقر فيجتمع له العذاب الجسماني والروحاني. وقرأ الحسن. وأبو جعفر. وابن كثير * (يضعف) * بالياء والبناء للمفعول وطرح الألف والتضعيف.
وقرأ شيبة. وطلحة بن سليمان. وأبو جعفر أيضا * (نضعف) * بالنون مضمومة وكسر العين مضعفة و * (العذاب) * بالنصب، وطلحة بن مصرف " يضاعف " مبنيا للفاعل و * (العذاب) * بالنصب. وقرأ طلحة بن سليمان * (وتخلد) * بتاء الخطاب على الالتفات المنبى عن شدة الغضب مرفوعا. وقرأ أبو حيوة * (وتخلد) * مبنيا للمفعول مشدد اللام مجزوما. ورويت عن أبي عمرو. وعنه كذلك مخففا. وقرأ أبو بكر عن عاصم * (يضاعف ويخلد) * بالرفع فيهما، وكذا ابن عامر: والمفضل عن عاصم * (يضاعف. ويخلد) * مبنيا للمفعول مرفوعا مخففا. والأعمش