بفتح الميم أي مكان قيام.
* (والذين إذآ أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) * * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا) * أي لم يتجاوزوا حد الكرم * (ولم يقتروا) * أي ولم يضيقوا تضييق الشحيح، وقال أبو عبد الرحمن الحبلى: الإسراف هو الإنفاق في المعاصي والقتر الإمسام عن طاعة، وروي نحو ذلك عن ابن عباس. ومجاهد. وابن زيد، وقال عون بن عبد الله بن عتبة: الإسراف أن تنفق مال غيرك.
وقرأ الحسن. وطلحة. والأعمش. وحمزة. والكسائي. وعاصم * (يقتروا) * بفتح الياء وضم التاء. ومجاهد. وابن كثير. وأبو عمرو بفتح الياء وكسر التاء. ونافع. وابن عامر بضم الياء وكسر التاء. وقرأ العلاء ابن سبابة واليزيدي بضم الياء وفتح القاف وكسر التاء مشددة وكلها لغات في التضييق. وأنكر أبو حاتم لغة أقتر رباعيا هنا وقال: إنما يقال أقتر إذا افتقر ومنه * (وعلى المقتر قدره) * وغاب عنه ما حكاه الأصمعي. وغيره من أقتر بمعنى ضيق * (وكان) * انفاقهم * (بين ذالك) * المذكور من الاسراف والقتر * (قواما) * وسطار وعدلا سمى به لاستقامة الطرفين وتعادلهما كأن كلا منهما يقاوم الآخر كما سمي سواء لاستوائهما. وقرأ حسان * (قواما) * بكسر القاف، فقيل: هما لغتان بمعنى واحد وقيل: هو بالكسر ما يقام به الشيء، والمراد به هنا ما يقام به الحاجة لا يفضل عنها ولا ينقص. وهو خبر ثان لكان مؤكد للأول وهو * (بين ذلك) * أو هو الخبر و * (بين ذلك) * إما معمول لكان على مذهب من يرى أن كان الناقصة تعمل في الظرف وإما حال من * (قواما) * لأنه لو تأخر لكان صفة، وجوز أن يكون ظرفا لغوا متعلقا به أو * (بين ذلك) * هو الخبر و * (قواما) * حال مؤكدة، وأجاز الفراء أن يكون " بين ذلك " اسم كان وبنى لاضافته إلى مبني كقوله تعالى: * (ومن خزي يومئذ) * في قراءة من فتح الميم. ومنه قول الشاعر: لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت * حمامة في غصون ذات أوقال وتعقبه الزمخشري بأنه من جهة الإعراب لا بأس له ولكن المعنى ليس بقوي لأن ما بين الإسراف والتقتير قوام لا محالة فليس في الخبر الذي هو معتمد الفائدة فائدة. وحاصله أن الكلام عليه من باب كان الذاهب جاريته صاحبها وهو غير مفيد. ولا يخفى أنه غير وارد على قراءة " قواما " بالكسر على القول الثاني فيه وعلى غير ذلك متجه. وما قيل من أنه من باب شعري شعري والمعنى كان قواما معتبرا مقبولا غير مقبول لأنه مع بعده إنما ورد فيما اتحد لفظه وما نحن فيه ليس كذلك. وكذا ما قيل: إن " بين ذلك " أعم من القوام بمعنى العدل الذي يكون نسبة كل واحد من طرفيه إليه على السواء فإن ما بين الاقتار والإسراف لا يلزم أن يكون قواما بهذا المعنى إذ يجوز أن يكون دون الإسراف بقليل وفق الاقتار بقليل فإنه تكلف أيضا إذ ما بينهما شامل لحاق الوسط وما عداه الكوسط من غير فرق ومثله لا يستعمل في المخاطبات لا لغازه، وقيل: لأنه بعد تسليم جواز الأخلار عن الأعم بالأخص يبعد أن يكون مدحهم بمراعاة حاق الوسط مع ما فيه من الحرج الذي نفي عن الإسلام. وفيه أنه لا شك في جواز الأخبار عن الأعم بالأخص نحو الذي جاءني زيد والقائل لم يرد إلحاق الحقيقي بل التقريبي كما يذل عليه قوله بقليل ولا حرج في مثله فتأمل.
ولعل الأخبار عن إنفاقهم بما ذكر بعد قوله تعالى: * (إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) * (الفرقان: 67) المستلزم لكون