إن التاء في نملة للوحدة فهنى في حكم المؤنث اللفظي جاز أن تعامل معاملته كتمر وتمرة على ما نص عليه في المفصل، ولا يشكل بنحو طلحة حيث لم يجز الحالق فعله التاء لأن أسماء الأعلام يعتبر فيها المعنى دون اللفظ خلافا للكوفيين إلى آخر ما ذكره ابن الحاجب، ولا نقض باعتبار التأنيث في عقرب ان سمي به مذكر ولا في طلحة نفسه باعتبار منع الصرف على ما ظنه بعض فضلاء ما وراء النهر.
وصوبه شيخنا الطيبي لأن اعتبار المعنى هو فيما يرجع إلى المعنى لا فيما يرجع إلى اللفظ، والحاق العلامة باعتبار الفاعل إما للتأنيث الحقيقي وإما لشبه التأنيث من الوحدة أو الجمعية ونحوها فإذا لم يبق المعنى أعني التأنيث وشبه التأنيث فلا وجه للإلحاق. وأما منع الصرف فلا نظر فيه إلى معنى التأنيث بل إلى هذه الزيادة لفظا أو تقديرا وذلك غير مختلف في المنقول والمنقول عنه، وكفاك دليلا لاعتبار اللفظ وحده في هذا الحكم تفرقتهم في سقر بين تسمية المذكر به والمؤنث دون عقرب فلو تأمل المناقض لكان ما أورده عليه لا له هذا، وإن ازمام رضي الله تعالى عنه كوفي والقاعدة على أصله مهدومة انتهى. وهو كلام متين.
والحزم القول بعدم صحة هذه الحكاية فأبو جنيفة رضي الله تعالى عنه من عرفت وأن كان إذ ذاك غلاما حدثا. وقتادة بن دعامة السدوسي بإجماع العارفين بالرجال كان بصيرا بالعربية فيبعد كل البعد وقوع ما ذكر منهما والله تعالى أعلم.
والحطم الكسر والمراد به الإهلاك. والنهي في الظاهر لسليمان عليه السلام وجنوده وهو في الحقيقة نهى على طريق الكناية للنمل عن التوقف حتى تحطم لأن الحطم غير مقدور لها نحو قولك: لا أرينك ههنا فإنه في الظاهر نهي للمتكلم عن رؤية المخاطب والمقصود نهى المخاطب عن الكون بحيث يراه المتكلم فالجملة استئناف أو بدل اشتمال من جملة * (ادخلوا مساكنكم) *، وقول بعضهم: إذا كان المعنى النهي عن التوقف حتى تحطم يحصل الاتحاد بين الجملتين يقتضي انه بدل كل من كل بناء على أن الأمر بالشيء عين انلهي عن ضده وعلى ما ذكر لا حاجة إليه؛ وبالجملة اعتراض أبي حيان على وجه الإبدال باختلاف مدلولي الجملتين ليس في محله، وجوز الزمخشري كون لا يحطمنكم جوابا للأمر، أعني - ادخلوا - و * (لا) * حينئذ نافية وتعقب بأن دخول النون في جواب الشرط مخصوص بضرورة الشعر كقوله: مهما تشأ منه فزارة تعطه * ومهما تشأ منه فزارة يمنعا وفي الكتاب وهو قليل في الشعر شبهوه بالنهي حيث كان مجزوما غير واجب. وأرادت النملة على ما في الكشاف لا يحطمنكم جنود سليمان فجاءت بما هو أبلغ. ونحوه قوله: عجبت من نفسي ومن إشفاقها حيث أراد غجبت من إشفاق نفسي فجاء بما هو أبلغ للإجمال والتفصيل. وتعقب ذلك في البحر بأن فيه القول بزيادة الأسماء وهي لا تجوز بل الظاهر إسناد الحطم إليه عليه السلام وإلى جنوده والكلام على حذف مضاف أي خيل سليمان وجنوده أو نحو ذلك مما يصح تقديره وللبحث فيه مجال وجملة * (وهم لا يشعرون) * حال من مجموع المتعاطفين والضمير لهما.
وجوز أن تكون حالا من الجنود والضمير لهم، وأيا ما كان ففي تقييد الحطم بعدم الشعور بمكانهم المشعر بأنه لو شعروا بذلك لم يحطموا ما يشعر بغاية أدب النملة مع سليمان عليه السلام وجنوده، وليت من طعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله تعالى عنهم تأسى بها فكف عن ذلك وأحسن الأدب، وروي أن سليمان