تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ١٥٠
وكيف رددت الخيل وهي مغيرة * بزوراء تعطي باليدين وتمنع نصرنا رسول الله في الحرب سبعة * وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا ومن شعر ابنه عبد الله رضي الله تعالى عنهما:
إذا طارقات الهم ضاجعت الفتى * وأعمل فكر الليل والليل عاجر وباكرني في حاجة لم يجد لها * سواي ولا من نكبة الدهر ناصر فرجت بمالي همه من مقامه * وزايله هم طروق مسامر وكان له فضل علي بظنه * بي الخير أني للذي ظن شاكر وهلم جرا إلى حيث شئت، وليس من بني عبد المطلب كما قيل رجالا ولا نساء من لم يقل الشعر حاشا النبي صلى الله عليه وسلم ليكون ذلك أبلغ في أمره عليه الصلاة والسلام، ولأجلة التابعين ومن بعدهم من أئمة الدين وفقهاء المسلمين شعر كثير أيضا، ومن ذلك قول الشافعي رضي الله تعالى عنه: ومتعب العيس مرتاح إلى بلد * والموت يطلبه في ذلك البلد وضاحك والمنايا فوق هامته * لو كان يعلم غيبا مات من كمد من كان لم يؤت علما في بقاء غد * فما يفكر في رزق لبعد غد والاستقصاء في هذا الباب يحتاج إلى إفراده بكتاب وفيما ذكر كفاية، وقد مدحه أيضا غير واحد من الأجلة فعن عمر رضي الله تعالى عنه أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري مر من قبلك بتعلم الشعر فإنه يدل على معالي الأخلاق وصواب الرأي ومعرفة الأنساب، وعن علي كرم الله تعالى وجهه الشعر ميزان العقول.
وكان ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يقول: إذا قرأتم شيئا من كتاب الله تعالى فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعار العرب فإن الشعر ديوان العرب، وما أخرجه أحمد. وابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله تعالى عنه قال: بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عرض شاعر ينشد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير من أن يمتلىء شعرا " حمله الشافعي عليه الرحمة على الشعر المشتمل على الفحش، وروى نحوه عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فقد أخرج الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس عن عائشة أنه بلغها أن أبا هريرة يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يمتلىء جوف أحدكم " الحديث فقالت: رحم الله تعالى أبا هريرة إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا " من الشعر الذي هجيبت به يعني نفسه الشريفة عليه الصلاة والسلام ذكر ذلك المرشدي في فتاواه نقلا عن كتاب بستان الزاهدين، ولا يخفى أنه يبعد الحمل المذكور التعبير بيمتلىء فإن الكثير والقليل مما فيه فحش أو هجو لسيد الخلق صلى الله عليه وسلم سواء، وما أحسن قول الماوردي: الشعر في كلام العرب مستحب ومباح ومحظور فالمستحب ما حذر من الدنيا ورغب في الآخرة وحث على مكارم الأخلاق والمباح ما سلم من فحش أو كذب والمحظور نوعان كذب وفحش وهما جرح في قائله وأما منشده فإن حكاه اضطرارا لم يكن جرحا أو اختيارا جرح، وتبعه على ذلك الروياني وجعل الروياني ما فيه الهجو لمسلم سواء كان بصدق أو كذب من المحظور أيضا، ووافقه جماعة إلا أن إثم الصادق أخف من إثم الكاذب كما قال القمولي. وإثم الحاكي
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»