التخفيف في الجلد بأن يجلدوهما جلدا غير مؤلم أو بأن يكون أقل من مائة جلدة.
وقال أبو مجلز. ومجاهد. وعكرمة. وعطاء: المراد النهي عن إسقاط الحد بنحو شفاعة كأنه قيل: أقيموا عليهما الحد ولا بد، وروي معنى ذلك عن ابن عمر. وابن جبير، وفي هذا دليل على أنه لا يجوز السفاعة في إسقاط الحد، والظاهر أن المراد عدم جواز ذلك بعد ثبوت سبب الحد عند الحاكم، وأما قبل الوصول إليه والثبوت فإن الشفاعة عند الرافع لمن اتصف بسبب الحد إلى الحاكم ليطلقه قبل الوصول وقبل الثبوت تجوز، ولم يخصوا ذلك بالزنا لما صح أنه عليه الصلاة والسلام أنكر على حبه أسامة بن زيد حين شفع في فاطمة بنت الأسود بن عبد الأسد المخزومية السارقة قطيفة، وقيل حليا فقال له. " أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟ ثم قام فخاطب فقال: أيها الناس إنما ضل من قلبكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد وأيم الله تعالى لو أن فاطمة بنت محمد سرقت وحاشاها لقطعت يدها " وكما تحرم الشفاعة يحرم قبولها فعن الزبير بن العوام رضي الله تعالى عنه أنه قال: إذا بلغ الحد إلى الإمام فلا عفا الله تعالى عنه إن عفا، و * (بهما) * قيل متعلق بمحذوف على البيان أي أعني بهما، وقيل بترأفوا محذوفا أي ولا ترأفوا بهما، ويفهم صنيع أبي البقاء اختيار تعلقه بتأخذ والباء للسببية أي ولا تأخذكم بسببهما رأفة ولم يجوز تعلقه برأفة معللا بأن المصدر لا يتقدم معموله عليه، وعندي هو متعلق بالمصدر ويتوسع في الظرف ما لا يتوسع في غيره.
وقد حقق ذلك العلامة سعد الملة والدين في أول شرح التلخيص بما لا ميزد عليه، و * (في دين) * قيل متعلق بتأخذ وعليه أبو البقاء، وقيل متعلق بمحذوف وقع صفة لرأفة. وقرأ علي كرم الله تعالى وجهه. والسلمي. وابن مقسم. وداود بن أبي هند عن مجاهد * (ولا يأخذكم) * بالياء التحتية لأن تأنيث * (رأفة) * مجازي وحسن ذلك الفصل. وقرأ ابن كثير * (رأفة) * بفتح الهمزة، وابن جريج * (رءافة) * بألف بعد الهمزة على وزن فعالة وروي ذلك عن عاصم. وابن كثير، ونقل أبو البقاء أنه قرأ * (رافة) * بقلب الهمزة ألفا وهي في كل ذلك مصدر مسموع إلا أن الأشهر في الاستعمال ما وافق قراءة الجمهور.
* (إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) * من باب التهييج والإلهاب كما يقال: إن كنت رجلا فافعل كذا ولا شك في رجوليته وكذا المخاطبون هنا مقطوع بإيمانهم لكن قصد تهييجهم وتحريك حميتهم ليجدوا في طاعة الله تعالى ويجتهدوا في إجراء أحكامه على وجهها، وذكر * (اليوم الأخر) * لتذكير ما فيه من العقاب في مقابلة الرأفة بهما * (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين) * أي ليحضره زيادة في التنكيل فإن التفضيح قد ينكل أكثر من التعذيب أو لذلك وللعبرة والموعظة، وعن نصر بن علقمة أن ذلك ليدعي لهما بالتوبة والرحمة لا للتفضيح وهو في غاية البعد من السياق، والأمر هنا على ما يدل عليه كلام الفقهاء للندب.
واختلف في هذه الطائفة فاخرج عبد بن حميد. وغيره عن ابن عباس أنه قال: الطائفة الرجل فما فوقه وبه قال أحمد، وقال عطاء. وعكرمة. واسحق بن راهويه: إثنان فصاعدا وهو القول المشهور لمالك، وقال قتادة. والزهري: ثلاثة فصاعدا، وقال الحسن: عشرة، وعن الشافعي. وزيد: أربعة وهو قول لمالك، قال الخفاجي : وتحقيق المقام أن الطائفة في الأصل اسم فاعل مؤنث من الطواف الدوران أو الإحاطة فهي أما صفة نفس أي نفس طائفة فتطلق على الواحد أو صفة جماعة أي جماعة طائفة فتطلق على ما فوقه فهي