بها في الآيات وتستدلوا بها إلى غير ذلك من المنافع، وقدم السمع لكثرة منافعه، وأفرد لأنه مصدر في الأصل ولم يجمعه الفصحاء في الأكثر، وقيل: أفرد لأنه يدرك به نوع واحد من المدركات وهو الأصوات بخلاف البصر فإنه يدرك به الأضواء والألوان والأكوان والأشكال وبخلاف الفؤاد فإنه يدرك به أنواع شتى من التصورات والتصديقات. وفي الآية إشارة إلى الدليل الحسي والعقلي، وتقديم ما يشير إلى الأول قد تقدم فتذكر فما في العهد من قدم * (قليلا ما تشكرون) * أي شكرا قليلا تشكرون تلك النعم الجليلة لأن العمدة في الشكر صرف تلك القوى التي هي في أنفسها نعم باهرة إلى ما خلقت هي له فنصب * (قليلا) * على أنه صفة مصدر محذوف، والقلة على ظاهره بناء على أن الخطاب للناس بتغليب المؤمنين، وجوز أن تكون بمعنى النفي بناء على أن الخطاب للمشركين على سبيل الالتفات، وقيل: هو للمؤمنين خاصة وليس بشيء، والأولى عندي كونه للمشركين خاصة مع جواز كون القلة على ظاهرها كما لا يخفى على المتدبر؛ و * (ما) * علا سائر الأقوال مزيدة للتأكيدة.
* (وهو الذى ذرأكم فى الارض وإليه تحشرون) *.
* (وهو الذي ذرأكم في الأرض) * أي خلقكم وبثكم فيها * (وإليه تحشرون) * أي تجمعون يوم القيامة بعد تفرقكم لا إلى غيره تعالى فما لكم لا تؤمنون به سبحانه وتشكرونه عز وجل.
* (وهو الذى يحاى ويميت وله اختلافاليل والنهار أفلا تعقلون) *.
* (وهو الذي يحيى ويميت) * من غير أن يشاركه في ذلك شيء من الأشياء * (وله) * تعالى شأنه خاصة * (اختلاف الليل والنهار) * أي هو سبحانه وتعالى المؤثر في اختلافهما أي تعاقبهما من قولهم: فلان يختلف إلى فلان أي يتردد عليه بالمجيء والذهاب أو تخالفهما زيادة ونقصا، وقيل: المعنى لأمره تعالى وقضائه سبحانه اختلافهما ففي الكلام مضاف مقدر، واللام عليه يجوز أن تكون للتعليل * (أفلا تعقلون) * أي ألا تتفكرون فلا تعقلون أو أتتفكرون فلا تعقلون بالنظر والتأمل أن الكل صار منا وأن قدرتنا تعم جميع الممكنات التي من جملتها البعث. وقرأ أبو عمرو في رواية * (يعقلون) * على أن الالتفات إلى الغيبة لحكاية سوء حال المخاطبين، وقيل: على أن الخطاب الأول لتغليب المؤمنين وليس بذاك.
* (بل قالوا مثل ما قال الاولون) *.
* (بل قالوا) * عطف على مضمر يقتضيه المقام أي فلم يعقلوا بل قالوا: * (مثل ما قال الأولون) * أي آباؤهم ومن دان بدينهم من الكفرة المنكرين للبعث.
* (قالوا أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون) *.
* (قالوا أءذا متنا وكنا ترابا وعظاما أءنا لمبعوثون) * تفسير لما قبله من المبهم وتفصيل لما فيه من الإجمال وقد مر الكلام فيه.
* (لقد وعدنا نحن وءابآؤنا هاذا من قبل إن هاذآ إلا أساطير الاولين) *.
* (لقد وعدنا نحن وءاباؤنا هاذا) * البعث * (من قبل) * متعلق بالفعل من حيث إسناده إلى المعطوف عليه والمعطوف على ما هو الظاهر، وصح ذلك بالنسبة إليهم لأن الأنبياء المخبرين بالبعث كانوا يخبرون به بالنسبة إلى جميع من يموت، ويجوز أن يكون متعلقا به من حيث إسناده إلى آبائهم لا إليهم أي ووعد آباؤنا من قبل أو بمحذوف وقع حالا من آبائنا أي كائنين من قبل * (إن هذا) * أي ما هذا * (إلا أساطير الأولين) * أي أكاذيبهم التي سطروها جمع أسطورة كأحدوثة وأعجوبة وإلى هذا ذهب المبرد. وجماعة، وقيل: جمع أسطار جمع سطر كفرس وأفراس، والأول كما قال الزمخشري أوفق لأن جمع المفرد أولى وأقيس ولأن بنية أفعولة تجيء لما فيه التلهي فيكون حينئذ كأنه قيل مكتوبات لا طائل تحتها.
* (قل لمن الارض ومن فيهآ إن كنتم تعلمون) *.
* (قل لمن الأرض ومن فيها) * من المخلوقات تغليبا للعقلاء على غيرهم