تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ١٥٢
وفي " التنبيه " من جاز لها النكاح إن احتاجته ندب لها ونقله الأذرعي عن أصحاب الشافعي ثم بحث وجوبه عليها إذا لم تندفع عنها الفجرة إلا به ولا دخل للصوم فيها وبما ذكر علم ضعف قول الزنجاني: يسن لها مطلقا إذ لا شيء عليها مع ما فيه من القيام بأمرها وسترها، وقول غيره: لا يسن لها مطلقا لأن عليها حقوقا للزوج خطيرة لا يتيسر لها القيام بها بل لو علمت من نفسها عدم القيام بها ولم تحتج له حرم عليها اه‍، ولا يخفى أن ما ذكره بعد بل متجه واستدل بعضهم بالآية على بطلان نكاح المتعة لأنه لو صح لم يتعين الاستعفاف على فاقد المهر، وظاهر الآية تعينه ولا يلزم من ذلك تحريم ملك اليمين لأن من لا يقدر على النكاح لعدم المهر لا يقدر على شراء الجارية غالبا ذكره الكيا وهو كما ترى * (والذين يبتغون الكتاب) * بعدما أمر سبحانه بإنكاح صالحي المماليك الأحقاء بالإنكاح أمر جل وعلا بكتابة من يستحقها منهم ليصير حرا فيتصرف في نفسه، وأخرج ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح قال: كنت مملوكا كالحويطب بن عبد العزي فسألته الكتابة فأبى فنزلت والذين يبتغون الخ ويلوح من هذا أن عبد الله المذكور أول من كوتب، وربما يتخيل منه أن الكتابة كانت معلومة من قبل لكن نقل الخفاجي عن الدميري أنه قال: الكتابة لفظة إسلامية وأول من كاتبه المسلمون عبد لعمر رضي الله تعالى عنه يسمى أبا أمية.
وصرح ابن حجر أيضا بأنها لفظة إسلامية لا تعرفها الجاهلية، والله تعالى أعلم، والكتاب مصدر كاتب كالمكاتبة ونظيره العتاب والمعاتبة أي والذين يطلبون منكم المكاتبة * (مما ملكت أيمانكم) * ذكورا كانوا أو أناثا، وهو عندنا شرعا اعتاق المملوك يدا حالا ورقبة مآلا وركنه الإيجاب بلفظ الكتابة أو ما يؤدى معناه والقبول نحو أن يقول المولى؛ كاتبتك على كذا درهما تؤديه إلي وتعتق ويقول المملوك: قبلته وبذلك يخرج من يد المولى دون ملكه فإذا أدى كل البدل عتق وخرج من ملكه، ومعناه كتب الحروف أي جمعها وإطلاقه على ما ذكر لأن فيه ضم حرية اليد إلى حرية الرقبة أو لأن البدل يكون في الأغلب منجما بنجوم يضم بعضها إلى بعض لأنه يكتب المملوك على نفسه لمولاه ثمنه ويكتب المولى له عليه العتق وهذا أوفق بصيغة المفاغة أعني المكاتبة.
وفي إرشاد العقل السليم قالوا: معناه كتبت لك على نفسي أن تعتق مني إذا وفيت بالمال وكتبت لي على نفسك أن تفي بذلك أو كتبت عليك الوفاء بالمال وكتبت على العتق عنده، ثم قال: والتحقيق أن المكاتبة اسم للعقد الحاصل من مجموع كلامي المالك والمملوك كسائر العقود الشرعية المنعقدة بالإيجاب والقبول. ولا ريب في أن ذلك لا يصدر حقيقة إلا من المتعاقدين وليس وظيفة كل منهما في الحقيقة إلا الاتيان بأحد شطريه معربا عما يتم من قبله ويصدر عنه من الفعل الخاص به من غير تعرض لما يتم من قبل صاحبه ويصدر عنه من فعله الخاص به إلا أن كلا من ذينك الفعلين لما كان بحيث لا يمكن تحققه في نفسه إلا منوطا بتحقق الآخر ضرورة أن التزام العتق
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»