تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ١٤٧
بهما لما أنه لا يكاد يخلو أحد من المكلفين عن نوع تفريط في إقامة مواجب التكاليف كما ينبغي لا سيما في الكف عن الشهوات.
وقد أخرج أحمد. والبخاري في الأدب المفرد. ومسلم. وابن مردويه. والبيهقي في " شعب الايمان " عن الأغر رضي الله تعالى عنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه كل يوم مائة مرة " والمراد بالتوبة على هذا التوبة عما في الحال، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد التوبة عما كانوا يفعلونه قبل من إرسال النظر وغير ذلك وهو وإن جب بالإسلام لكنه يلزم الندم عليه والعزم على الكف عنه كلما يتذكر، وقد قالوا: إن هذا يلزم كل تائب عن خطيئة إذا تذكرها، ومنه يعلم أن ما يفعله كثير ممن يزعمون التوبة من نقل ما فعلوه من الذنوب على وجه التبججح والاستلذاذ دليل عن عدم صدق توبتهم. وفي تكرير الخطاب بقوله تعالى: * (أيه المؤمنون) * تأكيد للإيجاب وإيذان بأن وصف الايمان موجب للامتثال حتما، وفي هذا دليل على أن المعاصي لا تخرج عن الايمان. وقرأ ابن عامر * (أيه المؤمنون) * بضم الهاء، ووجهه أنها كانت مفتوحة لوقوعها قبل الألف فلما سقطت الألف لالتقاء الساكنين أتبعت حركتها حركة ما قبلها، وضم ها التي للتنبيه بعد أي لغة لبني مالك رهط شقيق بن مسلمة. ووقف بعضهم بسكون الهاء لأنها كتبت في المصحف بلا ألف بعدها. ووقف أبو عمرو. والكسائي ويعقوب - كما في النشر - بالألف على خلاف الرسم * (لعلكم تفلحون) * أي لكي تفوزوا بذلك بسعادة الدارين أو مرجوا فلا حكم.
* (وأنكحوا الأي‍امى منكم والص‍الحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقرآء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم) *.
* (وأنكحوا الأيامى منكم) * بعدما زجر سبحانه عن السفاح ومباديه القريبة والبعيدة أمر بالنكاح فإنه مع كونه مقصودا بالذات من حيث كونه مناطا لبقاء النوع على وجه سالم من اختلاط الأنساب مزجرة من ذلك.
و * (الأيامى) * - كما نقل في التحرير عن أبي عمرو وإليه ذهب الزمخشري - مقلوب أيايم جمع أيم لأن فيعل لا يجمع على فعالى أي إن أصله ذلك فقدمت الميم وفتحت للتخفيف فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وذهب ابن مالك ومن تبعه إلى أن جمع شاذ لا قلب فيه ووزنه فعالى وهو ظاهر كلام سيبويه، والأيم قال النضر بن شميل: كل ذكر لا أنثى معه وكل أنثى لا ذكر معها بكرا أو ثيبا ويقال: آم وآمت إذا لم يتوجا بكرين كانا أو ثيبين قال: فأن تنكحي أنكح وأن تتأيمي * وإن كنت أفتى منكم أتأيم وقال التبريزي في " شرح ديوان أبي تمام ": قد كثر استعمال هذه الكملة في الرجل إذا ماتت امرأته وفي المرأة إذا مات زوجها، وفي الشعر القديم ما يدل على أن ذلك بالموت وبترك الزوج من غير موت قال الشماخ: يقر لعيني أن أحدث أنها * وأن لم أنلها أيم لم تزوج انتهى، وفي شرح كتاب سيبويه لأبي بكر الخفاف الأيم التي لا زوج لها وأصله هي التي كانت متزوجة ففقدت زوجها برزء طرأ عليها ثم قيل في البكر مجازا لأنها لا زوج لها، وعن محمد أنها الثيب واستدل به بما روى أنه صلى الله عليه وسلم قال: " الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها " حيث قابلها بالبكر، وفيه أنه يجوز أن تكون مشتركة لكن أريد منها ذلك لقرينة المقابلة؛ والأكثرون على ما قاله النضر
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 ... » »»