النبي صلى الله عليه وسلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة فدخل النبي عليه الصلاة والسلام يوما وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع وإذا أدبرت أدبرت بثمان فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا ترى هذا يعرف ما ههنا لا يدخل عليكن فحجبوه وجاء أنه عليه الصلاة والسلام أخرجه فكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم ولعل الأولى حمل غير أولي الأربة على الذين لا حاجة لهم بالنساء ولا يعرفون شيئا من أمورهن بحيث لا تحدثهم أنفسهم بفاحشة ولا يصفوهن للأجانب ولا أرى الإكتفاء في غير أولي الأربة بعدم الحاجة إلى النساء إذ لا تنتفي به مفسدة الإبداء بالكلية كما لا يخفى ولعل في " الخبر " نوع إيماء إلى هذا؛ وفي المنهاج وشرحه لابن حجر عليه الرحمة، والأصح أن نظر الممسوح ذكره كله وأنثياه بشرط أن لا يبقى فيه ميل للنساء أصلا وإسلامه في المسلمة ولو أجنبيا لأجنبية متصفة بالعدالة كالنظر إلى محرم فينظر منها ما عدا ما بين السرة والركبة وتنظر منه ذلك ويلحق بالمحرم أيضا في الخلوة والسفر ويعلم منه أن التمثيل بالممسوح فيما سبق ليس على إطلاقه، وأما الشيخ الهم والمخنث فهما عند الشافعية في النظر إلى الأجنبيات ليسا كالممسوح، وصححوا أيضا أن المجنون يجب الاحتجاب منه فلا تغفل، وجر * (غير) * قيل على البدلية لا الوصفية لاحتياجها إلى تكلف جعل التابعين لعدم تعيهم كالنكرة كما قاله الزجاج أو جعل * (غير) * متعرفا بالإضافة هنا مثلها في الفاتحة وفيه نظر. وقرأ ابن عامر. وأبو بكر * (غير) * بالنصب على الحال والاستثناء.
* (أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء) * أي الأطفال الذين لم يعرفوا ما العورة ولم يميزوا بينها وبين غيرها على أن * (لم يظهروا) * الخ من قولهم ظهر على الشيء إذا اطلع عليه فجعل كناية عن ذلك أو الذين لم يبلغوا حد الشهوة والقدرة على الجماع على أنه من ظهر على فلان إذا قوى عليه ومنه قوله تعالى: * (فأصبحوا ظاهرين) * ويشمل الطفل الموصوف بالصفة المذكورة بهذا المعنى المراهق الذي لم يظهر منه تشوق النساء، وقد ذكر بعض أئمة الشافعية أنه كالبالغ فيلزم الاحتجاب منه على الأصح كالمراهق الذي ظهر منه ذلك، ويشمل أيضا من دون المراهق لكنه بحيث يحكى ما يراه على وجهه. وذكروا في غير المراهق أنه إن كان بهذه الحيثية فكالمحرم وإلا فكالعدم فيباح بحضوره ما يباح في اللوة فلا تغفل.
والظاهر أن * (الطفل) * عطف على قوله تعالى: * (لبعولتهن) * أو على ما بعده من نظائره لا على * (الرجال) * وكلام أبي حيان ظاهر في أنه عف عليه وليس بشيء، ثم هو مفرد محلى بأل الجنسية فيعم ولهذا كما قال في " البحر ": وصف بالجمع فكأنه قيل. أو الأطفال كما هو المروي عن مصحف حفصة، ومثل ذلك قولهم: أهلك الناس الدينا الصفر والدرهم البيض، وقيل هو مفرد وضع موضع الجمع، ونحوه قوله تعالى: * (ثم يخرجكم طفلا) * (غافر: 67).
وتعقب بأنم وضع المفرد موضع الجمع لا ينقاس عند سيبويه وما هنا عنده من با بالمفرد المعرف بلام الجنس وهو يعم بدليل صحة الاستثناء منه، والآية المذكورة يحتمل أن تكون عنده على معنى ثم يخرج كل واحد منكم طفلا كما قيل في قوله تعالى: * (واعتدت لهن متكأ) * (يوسف: 31) أنه على معنى واعتدت لكل واحدة منهن متكأ فلا يتعين كون * (طفلا) * فهيا مما لا ينقاس عنده، وقال الراغب: إن * (طفلا) * يقع على الجمع كما يقع على المفرد ونص على