وكان لعنه الله تعالى يجمع الناس عنده ويذكر لهم ما يذكر من الإفك وهو أول من اختلقه وأشاعه لا معانه في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعذابه في الآخرة بعد جعله في الدرك الأسفل من النار لا يقدر قدره إلا الله عز وجل، وأما في الدنيا فوسمه بميسم الذي وإظهار نفاقه على رؤس الاشهاد وحده حدين على ما أخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من أنه صلى الله عليه وسلم بعد أن نزلت الآيات خرج إلى المسجد فدعا أبا عبيدة بن الجراح فجمع الناس ثم تلا عليهم ما أنزل الله تعالى من البراءة لعائشة وبعث إلى عبد الله بن أبي فجيء به فضربه عليه الصلاة والسلام حدين وبعث إلى حسان. ومسطح وحمنة فضربوا ضربا وجيعا ووجئوا في رقابهم، وقيل: حدحدا واحدا، فقد أخرج الطبراني عن ابن عباس أنه فسر العذاب في الدنيا بجلد رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه ثمانين جلدة وعذابه في الآخرة بمصيره إلى النار، وقيل: إنه لم يحد أصلا لأنه لم يقر ولم يلتزم إقامة البينة عليه تأخيرا لجزائه إلى يوم القيامة كما أنه لم يلتزم إقامة البينة على نفاقه وصدور ما يوجب قتله لذلك وفيه نظر.
وزعم بعضهم أنه لم يحد مسطح، وآخرون أنه لم يحد أحد ممن جاء بالإفك إذ لم يكن إقرار ولم يلتزم إقامة بينة. وفي البحر أن المشهور حد حسان. ومسطح. وحمنة، وقد أخرجه البزار. وابن مردويه بسند حسن ع أبي هريرة، وقد جاء ذلك في أبيات ذكرها ابن هشام في ملخص السيرة لأبن اسحق وهي: لقد ذاق حسان الذي كان أهله * وحمنة إذ قالوا هججيرا ومسطح تعاطوا برجم الغيب أمر نبيهم * وسخطة ذي العرش الكريم فانزحوا وآذوا رسول الله فيها فجللوا * مخازي بغي يمومها وفضحوا وصب عليهم محصدات كأنها * شابيب قطر من ذرى المزن تسفح وقيل: الذي تولى كبره حسان واستد بما في " صحيح البخاري " أيضا عن مسروق قال: دخل حسان على عائشة فشبب وقال؛ حصان * (البيت) * قالت: لكنك لست كذلك قلت: تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله تعالى: * (والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) * (النور: 11) فقالت: وأي عذاب أشد من العمى، وجاء في بعض الأخبار أنها قيل لها: أليس الله تعالى يقول: * (والذي تولى كبره) * الآية؟ فقالت: أليس أصابه عذاب عظيم أليس قد ذهب بصره وكسع بالسيف؟ تعني الضربة التي ضربها إياه صفوان حين بلغه عنه أنه يتكلم في ذلك، فإنه يروى أنه ضربه بالسيف على رأسه لذلك ولأبيات عرض فيها به وبمن أسلم من العرب من مضر وأنشد: تلق ذباب السيف مني فإنني * غلام إذا هو جيت لست بشاعر ولكنني أحمى حماي وأتفي * من الباهت الرأي البرىء والظواهر وكاد يقتله بتلك الضربة. فقد روي ابن إسحق أنه لما ضربه وثب عليه ثابت بن قيس بن شماس فجمع يديه إلى عنقه بحبل ثم انطلق به إلى دار بني الحرث بن الخزرج فلقيه عبد الله بن رواحة فقال: ما هذا؟ قال: أما اعجبك ضرب حسان بالسيف والله ما أراد إلا قد قتله فقال له عبد الله: هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وبما صنعت؟ قال: لا والله قال: لقد اجترأت اطلق الرجل فاطلقه فاتوا رسول الله عليه الصلاة والسلام فذكروا ذلك له فدعا حسان. وصفوات فقال صفوات: يا رسول الله ءاذاني وهجاني فاحتملني الغضب فضربته فقال صلى الله عليه وسلم: يا حسان اتشوهت على قومي بعد أن هداهم الله تعالى للإسلام