ودل على ذلك قوله تعالى قبل: * (فلا كفران لسعيه) * حيث أن المراد منه يتقبل عمله و * (حتى) * [بم في قوله تعالى:
* (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون) *.
* (حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج) * ابتدائية والكلام بعدها غاية لما يدل عليه ما قبلها كأنه قيل: يستمرون على ما هم عليه من الهلاك حتى إذا قامت القيامة يرجعون إلينا ويقولون يا ويلنا الخ أو غاية للحرمة أي يستمر امتناع رجوعهم إلى التوبة حتى إذا قامت القيامة يرجعون إليها وذلك حين لا ينفعهم الرجوع أو غاية لعدم الرجوع عن الكفر أي لا يرجعون عنه حتى إذا قامت القيامة يرجعون عنه وهو حين لا ينفعهم ذلك، وهذا بحسب تعدد الأقوال في معنى الآية المتقدمة والتوزيع غير خفي، وقال ابن عطية: حتى متعلقة بقوله تعالى: * (تقطعوا) * (الأنبياء: 93) الخ قال أبو حيان: وفيه بعد من كثرة الفصل لكنه من جهة المعنى جيد، وحاصله أنهم لا يزالون مختلفين غير مجتمعين على دين الحق إلى قرب مجىء الساعة فإذا جاءت الساعة انقطع ذلك الاختلاف وعلم الجميع أن مولاهم الحق وأن الدين المنجي كان دين التوحيد، ونسبة الفتح إلى يأجوج ومأجوج مجاز وهي حقيقة إلى السد أو الكلام على حذف المضاف وهو السد وإقامة المضاف إليه مقامه. وقرأ فرقة * (فتحت) * بالتشديد، وتقدم الكلام في يأجوج ومأجوج * (وهم) * أي يأجوج ومأجوج، وقيل الناس وروي عن مجاهد * (من كل حدب) * أي مرتفع من الأرض كجبل وأكمة. وقرأ ابن عباس * (جدث) * بالجيم والثاء المثلثة وهو القبر، وهذه القراءة تؤيد رجوع الضمير إلى الناس، وقرىء بالجيم والفاء وهي بدل الثاء عند تميم ولا يختص إبدالها عندهم في آخر الكلمة فإنهم يقولون مغثور مكان مغفور * (ينسلون) * أي يسرعون، وأصل النسلان بفتحتين مقاربة الخطو مع الإسراع، قيل ويختص وضعا بالذئب وعليه يكون مجازا هنا. وقرأ ابن إسحاق. وأبو السمال بضم السين.
* (واقترب الوعد الحق فإذا هى شاخصة أبصار الذين كفروا ياويلنا قد كنا فى غفلة من هاذا بل كنا ظالمين) *.
* (واقترب) * أي قرب، وقيل هو أبلغ في القرب من قرب * (الوعد الحق) * وهو ما بعد النفخة الثانية من البعث والحساب والجزاء لا النفخة الأولى، والجملة عطف على * (فتحت يأجوج) * ثم إن هذا الفتح في زمن نزول عيسى عليه السلام من السماء وبعد قتله الدجال عند باب لد الشرقي، فقد أخرج مسلم. وأبو داود. والترمذي. والنسائي. وابن ماجه من حديث طويل " إن الله تعالى يوحي إلى عيسى عليه السلام بعد أن يقتل الدجال أني قد أخرجت عبادا من عبادي لا يدان لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور فيبعث الله تعالى يأجوج ومأجوج وهم كما قال الله تعالى: * (من كل حدب ينسلون) * فيرغب عيسى عليه السلام وأصحابه إلى الله عز وجل فيرسل عليهم نغفا في رقابهم فيصبحون موتي كموت نفس واحدة فيهبط عيسى عليه السلام وأصحابه فيرسل عليهم طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله تعالى ويرسل الله عز وجل مطرا لا يكن منه نبت مدر ولا وبر أربعين يوما فيغسل الأرض حتى يتركها زلفة ويقال للأرض انبتي ثمرتك فيومئذ يأكل النفر من الرماية ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر تكفي الفخذ والشاة من الغنم تكفي البيت فبينما هم على ذلك إذ بعث الله تعالى ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة " وجاء من حديث رواه أحمد. وجماعة " أن الساعة بعد أن يهلك يأجوج ومأجوج كالحامل لا يدري أهلها حتى تفجأهم بولادها ليلا أو نهارا " وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: ذكر لنا أن