تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ٨١
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني في ذلك أن الشام أجدب فكتب فرعون إليه عليه السلام أن هلم إلينا فإن لك عندنا سعة فأقبل بما عنده فأقطعه أرضا فاتفق أن دخل شعيب على فرعون وأيوب عليه السلام عنده فقال: أما تخاف أن يغضب الله تعالى غضبة فيغضب لغضبه أهل السموات والأرض والجبال والبحار فسكت أيوب فلما خرجا من عنده أوحى الله تعالى إلى أيوب أو سكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه استعد للبلاء قال: فديني قاله سبحانه: أسلمه لك قال: لا أبالي، والله تعالى أعلم بصحة هذه الأخبار، ثم إنه عليه السلام لما سجد فقال ذلك قيل له: ارفع رأسك فقد استجيب لك اركض برجلك فركض فنبعت من تحته عين ماء فاغتسل منها فلم يبق في ظاهر بدنه دابة إلا سقطت ولا جراحة إلى برئت ثم ركض مرة أخرى فنبعت عين أخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج وعاد صحيحا ورجع إليه شبابه وجماله وذلك [بم قوله تعالى:
* (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وءاتين‍اه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للع‍ابدين) *.
* (فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر) * ثم كسى حلة وجلس على مكان مشرف ولم تعلم امرأته بذلك فأدركتها الرقة عليه فقالت في نفسها: هب إنه طردني أفأتركه حتى يموت جوعا وتأكله السباع لأرجعن فلما رجعت ما رأت تلك الكناسة ولا تلك الحال فجعلت تطوف حيث الكناسة وتبكي وهابت صاحب الحلة أن تأتيه وتسأله فدعاها أيوب عليه السلام فقال: ما تريدين يا أمة الله؟ فبكت وقالت: أريد ذلك المبتلي الذي كان ملقى على الكناسة قال لها: ما كان منك؟ فبكت وقالت: بعلي قال: أتعرفينه إذا رأيتيه؟ قالت: وهل يخفى علي فتبسم فقال: أنا ذرك فعرفته بضحكة فأعتنقته * (وءاتيناه أهله ومثلهم معهم) * الظاهر أنه عطف على * (كشفنا) * فيلزم أن يكون داخلا معه في حيز تفصيل استجابة الدعاء، وفيه خفاء لعدم ظهور كون الاتيان المذكور مدعوا به وإذا عطف على * (استجبنا) * لا يلزم ذلك، وقد سئل عليه الصلاة والسلام عن هذه الآية، أخرج ابن مردويه. وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى: * (وآتيناه) * الخ قال: رد الله تعالى امرأته إليه وزاد في شبابها حتى ولدت له ستا وعشرين ذكرا " فالمعنى على هذا آتيناه في الدنيا مثل أهله عددا مع زيادة مثل آخر، وقال ابن مسعود. والحسن. وقتادة في الآية: إن الله تعالى أحيى له أولاده الذين هلكوا في بلائه وأوتي مثلهم في الدنيا، والظاهر أن المثل من صلبه عليه السلام أيضا، وقيل: كانوا نوافل؛ وجاء في خبر أنه عليه السلام كان له أندران أندر للقمح وأندر للشعير فبعث الله تعالى سحابتين فأفرغت إحداهما في أندر القمح الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض، وأخرج أحمد، والبخاري. وغيرهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بينما أيوب عليه السلام يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب عليه السلام يحثي في ثوبه فناداه ربه سبحانه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى قال: بلى وعزتك لكن لا غنى بي عن بركتك، وعاش عليه السلام بعد الخلاص من البلاء على ما روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما سبعين سنة، ويظهر من هذا مع القول بأن عمره حين أصابه البلاء سبعون أن مدة عمره فوق ثلاثين وتسعين بكثير، ولما مات عليه السلام أوصى إلى ابنه حرمل كما روى عن وهب، والآية ظاهرة في أن الأهل ليس المرأة * (رحمة من عندنا وذكرى للعابدين) * أي وآتيناه ما ذكر لرحمتنا أيوب عليه السلام وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كما صبر فيثابوا كما أثيب، فرحمة نصب على أنه مفعول له و * (للعابدين) * متعلق بذكري، وجوز أن يكون * (رحمة وذكرى) * تنازعا فيه على معنى
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»