تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٧ - الصفحة ٢١٣
ذلك، والظاهر من حالهم الطلب، ويرشد إلى ذلك أنه لو قيل: انذروا لله تعالى واجعلوا ثوابه لوالديكم فإنهم أحوج من أولئك الأولياء لم يفعلوا، ورأيت كثيرا منهم يسجد على أعتاب حجر قبور الأولياء، ومنهم من يثبت التصرف لهم جميعا في قبورهم لكنهم متفاوتون فيه حسب تفاوت مراتبهم، والعلماء منهم يحصرون التصرف في القبور في أربعة أو خمسة وإذا طولبوا بالدليل قالوا: ثبت ذلك بالكشف قاتلهم الله تعالى ما أجهلهم وأكثر افترائهم، ومنهم من يزعم أنهم يخرجون من القبور ويتشكلون بأشكال مختلفة، وعلماؤهم يقولون: إنما تظهر أرواحهم متشكلة وتطوف حيث شاءت وربما تشكلت بصورة أسد أو غزال أو نحوه وكل ذلك باطل لا أصل له في الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة، وقد أفسد هؤلاء على الناس دينهم وصاروا ضحكة لأهل الأديان المنسوخة من اليهود والنصارى وكذا لأهل النحل والدهرية، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
* (وجاهدوا في الله حق جهاده) * شامل لجميع أنواع المجاهدة، ومنها جهاد النفس وهو بتزكيتها بأداء الحقوق وترك الحظوظ، وجهاد القلب بتصفيته وقطع تعلقه عن الكونين، وجهاد الروح بإفناء الوجود، وقد قيل: وجودك ذنب لا يقاس به ذنب * (واعتصموا بالله) * تمسكوا به جل وعلا في جميع أحوالكم * (هو مولاكم) * على الحقيقة * (فنعم المولى) * في إفناء وجودكم * (ونعم النصير) * (الحج: 78) في إبقائكم، وما أعظم هذه الخاتمة لقوم يعقلون وسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
(٢١٣)
مفاتيح البحث: الحج (1)، القبر (4)، السجود (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213