افتتانكم أو امتحان لكم لينظر كيف تعملون. وجملة * (لعله) * الخ في موضع المفعول على قياس ما تقدم.
والكوفيون يجرون لعل مجرى هل في كونها معلقة. قال أبو حيان: ولا أعلم أحدا ذهب إلى أن لعل من أدوات التعليق وإن كان ذلك ظاهرا فيها. وعن ابن عباس في رواية أنه قرأ * (أدرى) * بفتح الياء في الموضعين تشبيها لها بياء الإضافة لفظا وإن كانت لام الفعل ولا تفتح إلا بعامل. وأنكر أن مجاهد فتح هذه الياء.
* (ومتاع إلى حين) * أي وتمتيع لكم وتأخير إلى أجل مقدر تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة ليكون ذلك حجة عليكم. وقيل المراد بالحين يوم بدر. وقيل يوم القيامة.
* (قال رب احكم بالحق وربنا الرحمان المستعان على ما تصفون) *.
* (قال رب احكم بالحق) * حكاية لدعائه صلى الله عليه وسلم. وقرأ الأكثر * (قل) * على صيغة الأمر. والحكم القضاء. والحق العدل أي رب أقض بيننا وبين أهل مكة بالعدل المقتضى لتعجيل العذاب والتشديد عليهم فهو دعاء بالتعجيل والتشديد وإلا فكل قضائه تعالى عدل وحق. وقد استجيب ذلك حيث عذبوا ببدر أي تعذيب.
وقرأ أبو جعفر * (رب) * بالضم على أنه منادى مفرد كما قال صاحب " اللوامح "، وتعقبه بأن حذف حرف النداء من اسم الجنس شاذ بابه الشعر. وقال أبو حيان: إنه ليس بمنادى مفرد بل هو منادى مضاف إلى الياء حذف المضاف إليه وبنى على الضم كقبل وبعد وذلك لغة حكاها سيبويه في المضاف إلى ياء المتكلم حال ندائه ولا شذوذ فيه. وقرأ ابن عباس. وعكرمة. والجحدري. وابن محيصن * (ربى) * بياء ساكنة * (أحكم) * على صيغة التفضيل أي أنفذ أو أعدل حكما أو أعظم حكمة. فربى أحكم مبتدأ وخبر.
وقرأت فرقة * (أحكم) * فعلا ماضيا * (ورننا الرحمن) * مبتدأ وخبر أي كثير الرحمة على عباده. وقوله سبحانه * (المستعان) * أي المطلوب منه العون خبر آخر للمبتدأ. وجوز كونه صفة للرحمن بناء على اجرائه مجرى العلم. وإضافة الرب فيما سبق إلى ضميره صلى الله عليه وسلم خاصة لما أن الدعاء من الوظائف الخاصة به عليه الصلاة والسلام كما أن إضافته ههنا إلى ضمير الجمع المنتظم للمؤمنين أيضا لما أن الاستعانة من الوظائف العامة لهم.
* (على ما تصفون) * من الحال فانهم كانوا يقولون: إن الشركة تكون لهم وإن راية الإسلام تخفق ثم تسكن وإن المتوعد به لو كان حقا لنزل بهم إلى غير ذلك مما لا خير فيه فاستجاب الله عز وجل دعوة رسوله صلى الله عليه وسلم فخيب آمالهم وغير أحوالهم ونصر أولياءه عليهم فأصابهم يوم بدر ما أصابهم: والجملة اعتراض تذييلي مقرر لمضمون ما قبله. وروي أن النبي عليه الصلاة والسلام قرأ أبي رضي الله تعالى عنه * (يصفون) * بيان الغيبة ورويت عن ابن عامر. وعاصم. هذا وفي جعل خاتم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما يتعلق به. خاتمة لسورة الأنبياء طيب كما قال الطيبي يتضوع منه مسك الختام.
ومن باب الإشارة في الآيات: * (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل) * (الأنبياء: 51) قيل ذلك الرشد إيثار الحق جل شأنه على ما سواع سبحانه، وسئل الجنيد متى أتاه ذلك؟ فقال: حين لا متى * (قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم) * (الأنبياء: 66) فيه إشارة إلى أن طلب المحتاج من المحتاج سفه في رأيه وضلة في عقله.
وقال حمدون القصار: استعانة الخلق بالخلق كاستعانة المسجون بالمسجون * (قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم) * (الأنبياء: 69) قال ابن عطاء: كان ذلك لسلامة قلب إبراهيم عليه السلام وخلوه من الالتفات إلى الأسباب وصحة