تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٥٣
النزول إلا بضم الآية الآتية إليها ومع هذا يحتاج ذلك إلى نوع تكلف.
* (قل إنمآ أنا بشر مثلكم يوحى إلى أنمآ إل‍اهكم إل‍اه واحد فمن كان يرجو لقآء ربه فليعمل عملا ص‍الحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) * * (قل) * بعد أن بينت شأن كلماته عز شأنه * (إنما أنا بشر مثلكم) * لا أدعي الإحاطة بكلماته جل وعلا * (يوحى إلي) * من تلك الكلمات * (أنما إل‍اهكم إل‍اه واحد) * وإنما تميزت عنكم بذلك، وأن المفتوحة وأن كفت بما في تأويل المصدر القائم مقام فاعل * (يوحي) * والاقتصار على ما ذكر لأنه ملاك الأمر، والقصر في الموضعين بناء على القول بإفادة إنما بالكسر وإنما بالفتح الحصر من قصر الموصوف على الصفة قصر قلب والمقصور عليه في الأول * (أنا) * والمقصور البشرية مثل المخاطبين، وهو على ما قيل مبني على تنزيلهم لاقتراحهم عليه عليه الصلاة والسلام ما لا يكون من بشر مثلهم منزلة من يعتقد خلافه أو على تنزيلهم منزلة من ذكر لزعمهم أن الرسالة التي يدعيها صلى الله عليه وسلم مبرهنة بالبراهين الساطعة تنافي ذلك، وقيل إن المقصود بأن يقصر عليه الإيحاء إليه صلى الله عليه وسلم على معنى أنه صلى الله عليه وسلم مقصور على إيحاء ذلك إليه لا يتجاوزه إلى عدم الإيحاء كما يزعمون، والمقصور الثاني * (إلهكم) * أي معبودكم الحق والمقصور عليه الوحدانية المعبر عنها باله واحد أي لا يتجاوز معبودكم بالحق تلك الصفة التي هي الوحدانية أي الوحدة في الألوهية إلى صفة أخرى كالتعدد فيها الذي تعتقدونه أيها المشركون.
وعزم بعضهم أن القصر في الثاني من قصر الصفة على الموصوف قصر أفراد وان المقصور الألوهية مصدر الهكم والمقصور عليه هو الله تعالى المعبر عنه باله واحد ولا يخفى ما فيه من التكلف والعدول عما هو الأليق.
ومما يوضح ما ذكرنا أنه لو قيل إنما الهكم واحد لم يكن إلا من قصر الموصوف على الصفة فزيادة إله للتوطئة للوصف بواحد والإشارة إلى أن المراد الوحدة في الألوهية ر تغير ذلك. وأما جعله من قصر الصفة على الموصوف قصر أفراد على أن الله تعالى هو المقصور عليه والوحدانية هي المقصور فباطل قطعا لأن قصر الصفة على الموصوف كذلك إنما يخاطب به من يعتقد اشتراك الصفة بين موصوفين كما تقرر في محله وهذا الاعتقاد لا يتصور هنا من عاقل لبداهة استحالة اشتراك موصوفين في الوحدانية أي الوحدة في الألوهية وما يوهم إرادة هذا القصر من كلام الزمخشري في نظير هذه الآية مؤول كما لا يخفى على المنصف، وجوز أن يكون من قصر التعيين وليس بذاك فتأمل جميع ذلك والله تعالى يتولى هداك * (فمن كان يرجوا لقاء ربه) * الرجاء طمع حصول ما فيه مسرة في المستقبل ويستعمل بمعنى الخوف وأنشدوا. إذا لسعته النحل لم يرج لسعها * وحالفها في بيت نوب عوامل ولقاء الرب سبحانه هنا قيل مثل للوصول إلى العاقبة من تلقى ملك الموت والبعث والحساب والجزاء مثلت تلك الحال بحال عبد قدم على سيده بعد عهده طويل وقد اطلع مولاه على ما كان يأتي ويذر فاما أن يلقاه ببشر وترحيب لما رضي من أفغاله أو بضد ذلك لما سخطه منها فالمعني على هذا، وحمل الرجاء على المعنى الأول من كان يأمل تلك الحال وأن يلقى فيها الكرامة من ربه تعالى والبشرى * (فليعمل) * لتحصيل ذلك والفوز به * (عملا صالحا) * وقيل هو كناية عن البعث وما يتبعه والكلام على حذف مضاف أي من كان يؤمل حسن البعث فليعمل الخ، وقيل لا حذف، والمراد من توقع البعث فليعمل صالحا أي أن ذلك العمل مطلوب ممن يتوقع البعث فكيف من يتحققه، وقيل: اللقاء على حقيقته والكلام على حذف مضاف
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»