تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٥٨
من أسمائه تعالى لا محل لشيء من ذلك ولا للمجموع من الأعراب، وقيل: إن كل حرف على نية الاتمام خبر لمبتدأ محذوف أي هو كاف هو هاد وهكذا أو الأول على نية الاتمام كذلك والبواقي خبر بعد خبر. وعلي ما روى عن الربعي قيل: هو منادي وهو اسم من أسمائه تعالى معناه الذي يجير ولا يجار عليه. وقيل لا محل له من الأعراب أيضا وهو كلمة تقال في موضع نداء الله تعالى بذلك العنوان مثل ما يقال مهيم في مقام الاستفسار عن الحال وهو كما ترى، وعلى القول بأنه حروف مسرودة على نمط التعديد قالوا: لا محل له من الإعراب؛ وقوله تعالى:
* (ذكر رحمت ربك عبده زكريآ) * * (ذكر رحمت ربك) * على هذه الأقوال خبر مبتدأ محذوف أي هذا المتلو * (ذكر) * الخ ويقال على الأخير المؤلف من جنس هذه الحروف المبسوطة مرادا به السورة * (ذكر) * الخ. وقيل مبتدأ خبره محذوف أي فيما يتلى عليك * (ذكر) * الخ، وعلى القول بأنه اسم للسورة قيل محله الرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي هذا كهيعص أي مسمى به. وإنما صحت الإشارة إليه مع عدم جريان ذكره لأنه باعتبار كونه على جناح الذكر صار في حكم الحاضر المشاهد كما قيل في قولهم هذا ما اشترى فلان.
وفي * (ذكر) * وجهان كونه خبرا لمبتدأ محذوف وكونه مبتدأ خبره محذوف. وقيل محله الرفع على أنه مبتدأ و * (ذكر) * الخ خبره أي الممى به ذكر الخ فإن ذكر ذلك لما كان مطلع السورة الكريمة ومعظم ما انطوت هي عليه جعلت كأنها نفس ذكره أو الإسناد باعتبار الاشتمال أو هو بتقدير مضاف أي ذو ذكر الخ أو بتأويل مذكور فيه رحمة ربك، وعلى القول بأنه اسم للقرآن قيل المراد بالقرآن ما يصدق على البعض ويراد به السورة والإعراب هو الاعراب وحينئذ لا تقابل بين القولين. وقيل المراد ما هو الظاهر وهو مبتدأ خبره * (ذكر) * الخ والإسناد باعتبار الاشتمال أو التقدير أو التأويل؛ وقوله تعالى: * (عبده) * مفعول لرحمة ربك على أنها مفعول لما أضيف إليه وهي مصدر مضاف لفاعله موضوع هكذا بالتاء لا أنها للوحدة حتى تمنع من العمل لأن صيغة الوحدة ليست الصيغة التي اشتق منها الفعل ولا الفعل دال على الوحدة فلا يعمل المصدر لذلك عمل الفعل إلا شذوذا كما نص عليه النحاة. وقيل مفعول للذكر على أنه مصدر أضيف إلى فاعله على الاتساع. ومعنى ذكر الرحمة بلوغها وإصابتها كما يقال ذكرني معروفك أي بلغني. وقوله عز وجل: * (زكريا) * بدل منه بدل كل من كل أو عطف بيان له أو نصب بإضمار أعني. وقوله تعالى شأنه:
* (إذ نادى ربه ندآء خفيا) * * (إذ نادى ربه) * ظرف لرحمة ربك وقيل لذكر على أنه مضاف لفاعله لا على الوجه الأول لفساد المعنى وقيل: هو بدل اشتمال من * (زكريا) * كما قوله تعالى: * (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) * (مريم: 16).
وقرأ الحسن. وابن يعمر كما حكاه أبو الفتح * (ذكر) * فعلا ماضيا مشددا و * (رحمة) * بالنصب على أنه كما في البحر مفعول ثان لذكر والمفعول الأول محذوف و * (عبده) * مفعول لرحمة وفاعل * (ذكر) * ضمير القرآن المعلوم من السياق أي ذكر القرآن الناس أن رحم سبحانه عبده، ويجوز أن يكون الفاعل ضميره عز وجل أي ذكر الله تعالى الناس ذلك، وجوز أن يكون * (رحمة ربك) * مفعولا ثانيا والمفعول الأول هو * (عبده) * والفاعل ضميره سبحانه أي ذكر الله تعالى عبده رحمته أي جعل العبد يذكر رحمته. وإعراب * (زكريا) * كما مر، وجوز أن
(٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 ... » »»