لن تقدر أن تجعل الواعد مخلفا لوعده بل سيفعله، ونقل ابن خالويه عن ابن خالويه عن ابن نهيك أنه قرأ * (لن تخلفه) * بفتح التاء المثناة من فوق وضم اللام، وفي اللوامح أنه قرىء * (لن يخلفه) * بفتح الياء المثناة من تحت وضم اللام وهو من خلفه يخلفه إذا جاء بعده، قيل: المعنى على الرواية الأولى وإن لك موعدا لا بد أن تصادفه، وعلى الرواية الثانية وإن لك موعدا لا يدفع قول لا مساس فافهم.
وقرأ ابن مسعود. والحسن بخلاف عنه * (لن نخلفه) * بالنون المفتوحة وكسر اللام على أن ذلك حكاية قول الله عز وجل، وقال ابن جني: أي لن نصادفه خلفا فيكون من كلام موسى عليه السلام لا على سبيل الحكاية وهو ظاهر لو كانت النون مضمومة * (وانظر إلى إلاهك) * أي معبودك * (الذي ظلت) * أي ظللت كما قرأ بذلك أبي. والأعمش فحذفت اللام الأولى تخفيفا، ونقل أبو حيان عن سيبويه أن هذا الحذف من شذوذ القياس ولا يكون ذلك إلا إذا سكن آخر الفعل، وعن بعض معاصريه أن ذلك منقاس في كل مضاعف العين واللام في لغة بني سليم حيث سكن آخر الفعل، وقال بعضهم: إنه مقيس في المضاعف إذا كانت عينه مكسورة أو مضمومة.
وقرأ ابن مسعود. وقتادة. والأعمش بخلاف عنه. وأبو حيوة. وابن أبي عبلة. وابن يعمر بخلاف عنه أيضا * (ظلت) * بكسر الظاء على أنه نقل حركة اللام إليها بعد حذف حركتها، وعن ابن يعمر أنه ضم الظاء وكأنه مبني على مجيء الفعل في بعض اللغات على فعل بضم العين وحينئذ يقال بالنقل كما في الكسر * (عليه) * أي على عبادته * (عاكفا) * أي مقيما، وخاطبه عليه السلام دون سائر العاكفين على عبادته القائلين: * (لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى) * (طه: 91) لأنه رأس الضلال ورئيس أولئك الجهال * (لنحرقنه) * جواب قسم محذوف أي بالله تعالى لنحرقنه بالنار كما أخرج ذلك ابن المنذر. وابن أبي حاتم عن ابن عباس، ويؤيده قراءة الحسن. وقتادة وأبي جعفر في رواية. وأبي رجاء. والكلبي * (لنحرقنه) * مخففا من أحرق رباعيا فإن الإحراق شائع فيما يكون بالنار وهذا ظاهر في أنه صار ذا لحم ودم.
وكذا ما في مصحف أبي. وعبد الله * (لنذبحنه ثم لنحرقنه) *. وجوز أبو علي أن يكون نحرق مبالغة في حرق الحديد حرقا بفتح الراء إذا برده بالمبرد. ويؤيده قراءة على كرم الله تعالى وجهه. وحميد. وعمرو بن فايد. وأبي جعفر في رواية. وكذا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما * (لنحرقنه) * بفتح النون وسكون الحاء وضم الراء فإن حرق يحرق بالضم مختص بهذا المعنى كما قيل، وهذا ظاهر في أنه لم يصر ذا لحم ودم بل كان باقيا على الجمادية.
وزعم بعضهم أنه لا بعد على تقدير كونه حيا في تحريقه بالمبرد إذ يجوز خلق الحياة في الذهب مع بقائه على الذهبية عند أهل الحق، وقال بعض القائلين بأنه صار حيوانا ذا لحم ودم: إن التحريق بالمبرد كان للعظام وهو كما ترى، وقال النسفي: تفريقه بالمبرد طريق تحريقه بالنار فإنه لا يفرق الذهب إلا بهذا الطريق. وجوز على هذا أن يقال: إن موسى عليه السلام حرقه بالمبرد ثم أحرقه بالنار. وتعقب بأن النار تذيبه وتجمعه ولا تحرقه وتجعله رمادا فلعل ذلك كان بالحيل إلا كسيرية أو نحو ذلك * (ثم لننسفنه) * أي