قدمه إلى عنان السماء يضيء له إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين. وروى غير واحد عن أبي سعيد الخدري من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق، وكان الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما كماأخرج أبو عبيد. والبيهقي عن أم موسى يقرأها كل ليلة.
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل مرفوعا البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف لا يدخله شيطان تلك الليلة وإلى سنية قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها ذهب غير واحد من الأئمة وقالوا بندب تكرار قراءتها.
وأخرج أحمد. ومسلم. وأبو داود. والترمذي. والنسائي. وابن حبان. وجماعة عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم: " من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال "، وفي رواية أخرى عنه رواها أحمد. ومسلم. والنسائي. وابن حبان أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال ". وأخرج الترمذي وصححه عنه مرفوعا " من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم " الخ، وجاء في حديث أخرجه ابن مردويه عن عائشة رضي الله تعالى عنها مرفوعا " أن من قرأ الخمس الأواخر منها عند نومه بعثه الله تعالى أي الليل شاء " وقد جربت ذلك مرارا فليحفظ والله تعالى الموفق.
* (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتابولم يجعل له عوجا) * * (بسم الله الرحمان الرحيم * الحمد لله الذي أنزل على عبده) * محمد صلى الله عليه وسلم * (الكتاب) * الكامل الغني عن الوصف بالكمال المعروف بذلك من بين سائر الكتب الحقيق باختصاص اسم الكتاب به، وهو إما عبارة عن جميع القرآن ففيه تغليب الموجود على المترقب وإما عبارة عن جميع القرآن ففيه تغليب الموجود على المترقب وإما عبارة عن الجميع المنزل حينئذ فالأمر ظاهر. وفي وصفه تعالى بالموصول إشعار بعلية ما في حيز الصلة لاستحقاق الحمد الدال عليه اللام على ما صرح به ابن هشام وغيره وإيذان بعظم شأن التنزيل الجليل كيف لا وهو الهادي إلى الكمال الممكن في جانبي العلم والعمل وفي التعبير عن الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبد مضافا إلى ضميره تعالى من الإشارة إلى تعظيمه عليه الصلاة والسلام، وكذا تعظيم المنزل عليه ما فيه، وفيه أيضا إشعار بأن شأن الرسول أن يكون عبدا للمرسل لا كما زعمت النصارى في حق عيسى عليه السلام وتأخير المفعول الصريح عن الجار والمجرور مع أن حقه التقديم عليه ليتصل به قوله تعالى:
* (ولم يجعل له) * أي للكتاب * (عوجا) * أي شيئا من العوج باختلال اللفظ من جهة الأعراب ومخالفة الفصاحة وتناقض المعنى وكونه مشتملا على ما ليس بحق أو داعيا لغير الله تعالى والعوج وكذا العوج الانحراف والميل عن الاستقامة إلا أنه قيل هو بكسر العين ما يدرك بفتح العين وبفتح العين ما يدرك بفتح العين فالأول الانحراف عن الاستقامة المعنوية التي تدرك بالبصيرة كعوج الدين والكلام، والثاني الانحراف عن الاستقامة الحسية التي تدرك بالبصر كعوج الحائط. والعود وأورد عليه قوله تعالى: في شأن الأرض * (لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) * (طه: 107) فإن الأرض محسوسة وإعوجاجها وكذا استقامتها مما يدرك بالبصر فكان ينبغي على ما ذكر فتح العين، وأجيب بأنه لما أريد به هنا ما خفي من الاعوجاج حتى احتاج إثباته إلى المقاييس الهندسية المحتاجة إلى أعمال البصيرة الحق بما هو عقلي صرف فأطلق عليه ذلك لذلك وتعقب بأن لا ترى ظاهر في أن المنفي ما يدرك بالبصر فيحتاج إلى أن يراد به الإدراك، وعن ابن السكيت أن المكسور أعم من المفتوح.