لا يصل * (ويبشر) * بالنصب عطف على * (ينذر) * وقرىء شاذا بالرفع.
وقرأ حمزة. والكسائي * (ويبشر) * بالتخفيف * (المؤمنين) * أي المصدقين بالكتاب كما يشعر به وكذا بما تقدم ذكر ذلك بعد الامتنان بإنزال الكتاب * (الذين يعملون الصالحات) * أي الأعمال الصالحة التي بينت في تضاعيفه، وإيثار صيغة الاستقبال في الصلة للإشعار بتجدد العمل واستمراره، وإجراء الموصول على موصوفه المذكور لما أن مدار قبول العمل الإيمان * (أن لهم) * أي بأن لهم بمقابلة إيمانهم وعملهم المذكور * (أجرا حسنا) * هو كما قال السدى وغيره الجنة وفيها من النعيم المقيم والثواب العظيم ما فيها، ويؤيد كون المراد به الجنة ظاهر قوله تعالى:
* (ماكثين فيه أبدا) * * (ماكثين فيه) * أي مقيمين في الأجر * (أبدا) * من غير انتهاء لزمان مكثهم.
ونصب * (ماكثين) * على الحال من الضمير المجرور في * (لهم) * والظرفان متعلقان به، وتقديم الإنذار على التبشير لإظهار كمال العناية بزجر الكفار عما هم عليه مع مراعاة تقديم التخلية على التحلية، وتكرير الإنذار بقوله تعالى:
* (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا) * * (وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا) * متعلقا بفرقة خاصة ممن عمه الإنذار السابق من مستحقي البأس الشديد للإيذان بكمال فظاعة حالهم لغاية شناعة كفرهم وضلالهم كما ينبىء عنه ما بعد أن وينذر من بين هؤلاء الكفرة المتفوهين بمثل هاتيك العظيمة خاصة وهم العرب القائلون الملائكة بنات الله تعالى واليهود القائلون عزير ابن الله سبحانه والنصارى القائلون المسيح ابن الله عز وجل، وترك إجراء الموصول على الموصوف كما في قوله تعالى: * (ويبشر المؤمنين) * (الكهف: 2) الخ للإيذان بكفاية ما في حيز الصلة في الكفر على أقبح الوجوه؛ وإيثار صيغة الماضي في الصلة للدلالة على تحقق صدور تلك الكلمة القبيحة عنهم فيما سبق، وجعل بعضهم المفعول المحذوف فيما سلف عبارة عن هذه الطائفة، وفي الآية صنعة الاحتباك حيث حذف من الأول ما ذكر فيما بعد وهو المنذر وحذف مما بعدما ذكر في الأول وهو المنذر به. وتعقب بأنه يؤدي إلى خروج سائر أصناف الكفرة عن الإنذار والوعيد.
وإجيب بأنه يعلم إنذار سائر الأصناف ودخولهم في الوعبد من باب الأولى لأن القول بالتبني وان كبر كلمة دون الإشراك وفيه نظر، وقدر ابن عطية العالم وأبو البقاء العباد فيعم المؤمنين أيضا، وتعقب بأن التعميم يقتضي حمل الإنذار على معنى مجرد الأخبار بالأمر الضار من غير اعتبار حلول المنذر به على المنذر كما في قوله تعالى: * (أن أنذر الناس وبشر الذين آمنوا) * (يونس: 2) وهو يفضي إلى خلو النظم الكريم عن الدلالة على حلول البأس الشديد على من عدا هذه الفرقة فتأمل.
* (ما لهم به من علم ولا لاابآئهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا) * * (ما لهم به) * أي باتخاذه سبحانه وتعالى ولدا * (من علم) * مرفوع المحل على الابتداء أو الفاعلية لاعتماد الظرف، ومن مزيدة لتأكيد النفي والجملة حالة أو مستأنفة لبيان حالهم في مقالهم أي ما لهم بذلك شيء من العلم أصلا لا لاخلالهم بطريق العلم مع تحقق المعلوم أو إمكانه بل لاستحالته في نفسه ومعها لا يستقيم تعلق العلم، واستظهر كون ضمير * (به) * عائدا على الولد وعدم العلم وكذا حال الجملة على ما سمعت، وزعم المهدوي أن الجملة على هذا صفة لولدا وليس بشيء، وجوز أن يعود على القول المفهوم من * (قالوا) * أي ليس قولهم ذلك ناشئا عن علم وتذكر ونظر فيما يجوز عليه تعالى وما يمتنع، وقال الطبري: هو عائد على الله تعالى على معنى ليس لهم علم بما يجوز عليه تعالى وما يمتنع * (ولا لآبائهم) * الذين قالوا مثل ذلك ناسبين التبني إليه عز وجل، والتعرض لنفي العلم عنهم لأنهم