العلماء واحتبس دارك على أقاربك وأعتق عبيدك إلا الفسقة منهم. الثالث: إن كان العطف بالواو عاد للكل أو بالفاء أو ثم عاد للأخيرة وعليه ابن الحاجب، الرابع: أنه خاض بالأخيرة واختاره أبو حيان. الخامس: إن اتحد العامل فللكل أو اختلف فللأخيرة إذ لا يمكن حمل المختلفات في مستثنى واحد وعليه البهاباذى، وهو مبني على أن عامل المستثنى الأفعال السابقة دون إلا، هذا ويوهم كلام بعضهم أنه لوجعل الاستثناء من * (آل لوط) * لزم أن تكون امرأته غير مهلكة أو غير مجرمة وهو توهم فاحش لأن الاستثناء من * (آل لوط) * إن قلنا به بملاحظة الحكم عليهم بالانجاء وعدم الإهلاك أو بعدم الإجرام والصلاح فتكون الإمرأة محكوما عليه بالإهلاك أو الإجرام. ويرشدك إلى هذا ما ذكره الرضى فيما إذا تعدد الاستثناء وأمكن استثناء كل تال من متلوه نحو جاءني المكيون إلا قريشا إلا بني هاشم إلا بني عقيل حيث قال: لا يجوز في الموجب حينئذ في كل وتر إلا النصب على الاستثناء لأنه عن موجب، والقياس أن يجوز في كل شفع الإبدال والنصب على الاستثناء لأنه عن غير موجب والمستثنى منه مذكور، والكلام في وتر وشفع غير الموجب على عكس هذا، وهو مبني على ما ذهب إليه الجمهور من أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي خلافا للكسائي حيث قال: إن المستثنى مسكوت عن نفي الحكم عنه أو ثبوته له، ولا دلالة في الكلام على شيء من ذلك، واستفادة الإثبات في كلمة التوحيد من عرف الشرع، وكما وقع الخلاف في هذه المسألة بين النحويين وقع بين الأئمة المجتهدين وتحقيق ذلك في محله. واختار ابن المنير كون * (إلا آل لوط) * مستثنى من * (قوم مجرمين) * على أنه منقطع قال: وهو أولى وأمكن لأن في استثنائهم من الضمير العائد على قوم منكرين بعدا من حيث أن موقع الاستثناء إخراج ما لولاه لدخل المستثنى في حكم الأول، وهنا الدخول متعذر مع التنكير ولذلك قلما تجد النكرة يستثنى منها إلا في سياق نفي لأنها حينئذ تعم فيتحقق الدخول لولا الاستثناء، ومن ثمة لم يحسن رأيت قوما إلا زيدا وحسن ما رأيت أحدا إلا زيدا انتهى.
ورد بأن هذا ليس نظير رأيت قوما إلا زيدا بل من قبيل رأيت قوما أساءوا إلا زيدا فالوصف يعينهم ويجعلهم كالمحصورين، قال في " همع الهوامع ": ولا يستثنى من النكرة في الموجب ما لم تفد فلا يقال: جاء قوم إلا ءجلا ولا قام رجال إلا زيدا لعدم الفائدة، فإن أفاد جاز نحو * (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) * (العنكبوت: 14) وقام رجال كانوا في دارك إلا رجلا، على أن المراد بالقوم أهل القرية كما صرح به في آية أخرى فهم معنى محصورون، ونقل المدقق عن السكاكي أنه صرح في آخر بخث الاستدلال من كتابه بأن الاستثناء من جمع غير محصور جائز على المجاز، مع أن بعض الأصوليين أيضا جوزوا الاستثناء من النكرة في الإيجاب وأطلقوا القول في ذلك. نعم المصرح به في كثير من كتبا النحو نحو ما في " الهمع ".
وزعم بعضهم أنه ينبغي أن يكون الاستثناء من الظاهر والضمير منقطعا، وعلل ذلك بأن الضمير في الصفة هو عين الموصوف المقيد بالصفة، وذكر الجلال السيوطي أن بعض الفضلاء رفع هذا مع عدة أسئلة نثرا ونظما إلى الكمال بن الهمام ولم يذكر أنه أجاب عنها، والجواب عما زعمه هنا قد مرت إليه الإشارة، وأما الجواب عن سائر ما استشكلوه وسئل عنه الكمال فيغني عنه الإطلاع على السؤال فإنه مما يتعجب منه، ومن هنا قال الشهاب: أظن أن ابن الهمام إنما سكت عن جواب ذلك لوضوح اندفاعه وأنه لا ينبغي أن يصدر عمن تحلى بحلية الفضل، نعم بعد كل حساب الذي ينساق إلى الذهن أن الاستثناء من الظاهر لكن الرضى أنه إذا اجتمع شيآن فصاعدا يصلحان لأن يستثني منهما فهناك تفصيل فاما أن يتغايرا معنى أولا فإن تغايرا وأمكن اشتراكهما في