سوى الدينار الفلاني وذلك إذا كان صفة، وأيضا معنى لكن الاستدراك، والمراد به فيها دفع توهم المخاطب دخول ما بعدها في حكم ما قبلها مع أنه ليس بداخل وهذا هو معنى الاستثناء المنقطع بعينه انتهى، وزعم بعضهم أن في كون إلا الاستثنائية تعمل عمل لكن خفاء من جهة العربية وقال: إنه في المعنى خبر وليس خبرا حقيقيا كما صرح به النحاة، ومما نقلناه يعلم ما فيه من النظر. نعم صرح الزمخشري بأن الجملة على تقدير الانقطاع جارية مجرى خبر لكن وهو ظاهر في أنها ليست خبرا في الحقيقة وذكر أنه إنما قال ذلك لأن الخبر محذوف أي لكن آل لوط ما أرسلنا إليهم والمذكور دليله لتلازمهما ولذا لم يجعله نفس الخبر بل جار مجراه، وفيه غفلة عن كونه مبنيا على ما نقل عن سيبويه، وزعم بعض أنه قال ذلك لأن الجملة المصدرة بأن يمتنع أن تكون خبرا للكن فليراجع، وقيل: قال ذلك لأن المذكور إلا لا لكن وهو كما ترى، وعلى تقدير الاتصال يكون الآل مخرجين من حكم المستثنى منه وهو الإجرام داخلين في حكم الإرسال بمعنى البعث مطلقا فيكون الملائكة قد أرسلوا إليهم جميعا ليهلكوا هؤلاء وينجوا هؤلاء، وجملة * (إنا لمنجوهم) * على هذا مستأنفة استئنافا بيانا كأن إبراهيم عليه السلام قال لهم حين قالوا: * (إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * إلا آل لوط) * فما حال آل لوط؛ فقالوا: * (إنا لمنجوهم) * (الحجر: 58، 59) الخ [بم وقوله سبحانه:
* (إلا امرأته قدرنآ إنها لمن الغابرين) * .
* (إلا امرأته) * على التقديرين عند جار الله مستثنى من الضمير المجرور في لمنجوهم ولم يجوز أن يكون من الاستثناء من الاستثناء في شيء قال: لأن ذلك إنما يكون فيما اتحد الحكم فيه كقول المطلق أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة والمقر لفلان على عشرة دراهم إلا ثلاثة إلا درهما، وههنا قد اختلف الحكمان لأن آل لوط متعلق بأرسلنا أو بمجرمين و * (إلا امرأته) * تعلق - بمنجوهم - فأنى يكون استثناء من استثناء انتهى. وقد يتوهم أن الإرسال إذا كان بمعنى الإهلاك فلا اختلاف إذ التقدير إلا آل لوط لم نهلكهم فهو بمعنى منجوهم فيكون من الاستثناء من الاستثناء على أحد التقديرين. وأجاب عن ذلك صاحب التقريب بأن شرط الاستثناء المذكور أن لا يتخلل لفظ بين الاستثنائين متعدد يصلح أن يكون مستثنى منه وههنا قد تخلل * (منجوهم) * ولو قيل إلا آل لوط إلا امرأته لجاز ذلك؛ وتعقب بأنه لا يدفع الشبهة لأن السبب حينئذ في امتناعه وجود الفاصل لا اختلاف الحكمين فلا وجه للتعبير به عنه، وفي " الكشف " المراد من اتحاد الحكم اتحاده شخصا وعددا فلا يرد أن الإرسال إذا كان بمعنى الإهلاك كان قوله سبحانه: * (إنا لمنجوهم) * وقوله تعالى: * (إلا آل لوط) * في معنى واحد فالاستثناء من الأول في المعنى، وإنما شرط الاتحاد لأن المتصل كاسمه لا يجوز تخلل جملة بين العصا ولحائها وكذلك في المنقطع وبه يتضح حال ما تقدم أتم اتضاح، وفيه أيضا، فإن قلت: لم لا يرجع الاستثناء إليهما؟ قلت: لأن الاستثناء متعلق بالجملة المستقلة والخلاف في رجوعه إلى الجملتين فصاعدا لا إلى جملة، وبعض جملة سابقة، هذا والمعنى مختلف في ذلك ومحل الخلاف الجمل المتعاطفة لا المنقطع بعضها عن بعض انتهى، والأمر كما ذكر في تعيين محل الخلاف، والمسألة قل من تعرض لها من النحاة وفيها مذاهب. الأول وهو الأصح وعليه ابن مالك أن الاستثناء يعود للكل إلا أن يقوم دليل على إرادة البعض كما في قوله تعالى: * (والذين يرمون أزواجهن) * الآية فإن * (إلا الذين) * فيه عائد إلى فسقهم وعدم قبول شهادتهم معا لا إلى الجلد للدليل، ولا يضر اختلاف العامل لأن ذلك مبني على أن إلا هي العاملة. الثاني أنه يعود للكل إن سيق الكل لغرض واحد نحو حبست داري على أعمامي ووقفت بستاني على أخوالي وسبلت سقايتي لجيراني إلا أن يسافروا وإلا فللا خيرة فقط نحو أكرم