وقرأ الحسن كابن كثير إلا أنه أثبت الياء وباقي السبعة يقرؤون بفتح النون وهي نون الرفع.
* (قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين) * .
* (قالوا بشرناك بالحق) * أي بالأمر المحقق لا محالة أو باليقين الذي لا لبس فيه أو بطريقة هي حق، وهو أمر من له الأمر القادر على خلق الولد من غير أبوين فكيف بإياده من شيخ وعجوز * (فلا تكن من القانطين) * أي الآيسين من خرق العادة لك فإن ظهور الخوارق على يد الأنبياء عليهم السلام كثير حتى لا يعد بالنسبة إليهم مخالفا للعادة، وكأن مقصده عليه السلام استعظام نعمته تعالى عليه في ضمن التعجب العادي المبني على سنة الله تعالى المسلوكة فيما بين عباده جل وعلا لا استبعاد ذلك بالنسبة إلى قدرته جل جلاله، فإنه عليه السلام بل النبي مطلقا أجل قدرا من ذلك، وينبىء عنه قول الملائكة عليهم السلام: * (فلا تكن من القانطين) * على ما فيه من المبالغة دون أن يقولوا: من الممترين ونحوه.
* (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون) * .
* (قال ومن يقنط) * استفهام إنكاري أي لا يقنط * (من رحمة ربه إلا الضالون) * أي الكفرة المخطئون طريق معرفة الله تعالى فلا يعرفون سعة رحمته وكمال علمه وقدرته سبحانه وتعالى، وهذا كقول ولده يعقوب: * (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) * (يوسف: 87) ومراده عليه السلام نفي القنوط عن نفسه بأبلغ وجه أي ليس بي قنوط من رحمته تعالى وإنما الذي أقول لبيان منافاة حالي لفيضان تلك النعمة الجليلة علي، وفي التعرض لعنوان الربوبية والرحمة ما لا يخفى من الجزالة.
وقرأ ابن وثاب. وطلحة والأعمش. وأبو عمرو في رواية * (القنطين) * والنحويان. والأعمش * (يقنط) * بكسر النون، وباقي السبعة بفتحها، وزيد بن علي رضي الله تعالى عنهما. والأشهب بضمها، وهو شاذ وماضيه مثله في التثليث. واستدل بالآية على تفسير * (الضالين) * بما سمعت لما سمعت من الآية على أن القنوط وهو - كما قال الراغب: - اليأس من الخير كفر، والمسألة خلافية، والشافعية على أن ذاك وكذا الأمن من المكر من الكبائر " للحديث الموقوف على ابن مسعود أو المرفوع من الكبائر الإشراك بالله تعالى واليأس من روح الله تعالى والأمن من مكر الله تعالى " وقال الكمال بن أبي شريف: العطف على الإشراك بمعنى مطلق الكفر يقتضي المغايرة فإن أريد باليأس إنكار سعة الرحمة الذنوب وبالأمن اعتقاد أنه لا مكر فكل منهما كفر اتفاقا لأنه رد للقرآن العظيم، وإن أريد استعظام الذنوب واستبعاد العفو عنها استبعادا يدخل في حد اليأس وغلبة الرجاء المدخل له في حد الأمن فهو كبيرة اتفاقا اه وقد تقدم الكلام في ذلك فتذكر.
* (قال فما خطبكم أيها المرسلون) * .
* (قال فما خطبكم) * أي أمركم وشأنكم الخطير الذي لأجله أرسلتم سوى البشارة * (أيها المرسلون) * لعله عليه السلام علم أن كمال المقصود ليس البشارة من مقالة لهم في أثناء المحاورة مطوية هنا، وتوسيط * (قال) * بين كلاميه عليه السلام مشيرا إلى أن هناك ما طوى ذكره، وخطابه لهم عليهم السلام بعنوان الرسالة بعد ما كان خطابه السابق مجردا عن ذلك مع تصديره بالفاء ظاهر في أن مقالتهم المطوية كانت متضمنة ما فهم منه ذلك فلا حاجة إلى الالتجاء إلى أن علمه عليه السلام بأن كل المقصود ليس البشارة بسبب أنهم كانوا ذوي عدد والبشارة لا تحتاج إلى عدد ولذلك اكتفى بواحد في زكريا ومريم عليهما السلام ولا إلى أنهم بشروه في تضاعيف الحال لإزالة الوجل ولو كانت تمام المقصود لابتدأوا بها على أن فيما ذكر بحثا فقد قيل: إن التعذيب كالبشارة لا يحتاج أيضا إلى العدد؛ ألا يرى أن جبريل عليه السلام قلب مدائنهم بأحد جناحيه، وأيضا يرد على قوله: ولذلك اكتفى الخ