تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٤ - الصفحة ٧٦
منزلة رسول لأنه كالداعي لهم إلى اتباع صالح عليه السلام فجمع بهذا الاعتبار لا اعتبار له ألا فيما أرى.
والحجر واد بين الحجاز والشام كانوا بسكنونه، قال الراغب: يسمى ما أحيط به الحجارة حجرا وبه سمى حجر الكعبة وديار ثمود، وقد نهى صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله تعالى عنهم كما في صحيح البخاري وغيره عن الدخول على هؤلاء القوم إلا أن يكونوا باكين حذرا من أن يصيبهم مثل ما أصابهم.
وجاء عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن الناس عام غزوة تبوك استقوا من مياه الآبار التي كانت تشرب منها ثمود وعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم باهراق القدور وأن يعلفوا الإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر التي كانت ترد الناقة.
* (وءاتين‍اهم ءاي‍اتنا فكانوا عنها معرضين) * .
* (وءاتيناهم ءاياتنا) * من الناقة وسقبها وشربها ودرها.
وذكر بعضهم أن في الناقة خمس آيات خروجها من الصخرة. ودنوا نتاجها عند خروجها. وعظمها حتى لم تشبهها ناقة. وكثرة لبنها حتى يكفيهم جميعا، وقيل: كانت لنبيهم عليه السلام معجزات غير ما ذكر ولا يضرنا أنها لم تذكر على التفصيل، وهو على الإجمال ليس بشيء، وقيل: المراد بالآيات الأدلة العقلية المنصوبة لهم الدالة عليه سبحانه المبتوتة في الأنفس والآفاق وفيه بعد، وقيل آيات الكتاب المنزل على نبيهم عليه السلام.
وأورد عليه أنه عليه السلام ليس له كتاب مأثور إلا أن يقال: الكتاب لا يلزم أن ينزل عليه حقيقة بل يكفى كونه معه مأمورا بالأخذ بما فيه ويكون ذلك في حكم نزوله عليه، وقد يقال: بتكرار النزول حقيقة ولا يخفي قوة الإيراد، وقيل: يجوز أن يراد بالآيات ما يشمل ما بلغهم من آيات الرسل عليهم السلام، ومتى صح أن يقال: أن تكذيب واحد منهم في حكم تكذيب الكل فلم لم يصح أن يقال: إن ما يأتي به واحد من الآيات كأنه أتى به الكل وفيه نظر، وبالجملة الظاهر هو التفسير الأول * (فكانوا عنها معرضين) * غير مقبلين على العمل بما تقتضيه، وتقديم المعمول لرعاية تناسب رؤوس الآي.
* (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين) * .
* (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا ءامنين) * من نزول العذاب بهم، وقيل: من الموت لاغترارهم بطول الأعمار، وقيل: من الانهدام ونقب اللصوص وتحزيب الأعداء لمزيد وثاقتها، وقال ابن عطية: أصح ما يظهر لي في ذلك انهم كانوا يأمنون عواقب الآخرة فكانوا لا يعملون بحسبها بل يعملون بحسب الأمن [بم وتفريع قوله تعالى:
* (فأخذتهم الصيحة مصبحين) * .
* (فأخذتهم الصيحة مصبحين) * أظهر في تأييد الأول، ووقع في سورة الأعراف * (فاخذتهم الرجفة) * ووفق بينهما بان الصيحة تفضي إلى الرجفة أو هي مجاز عنها، واستشكل التقييد - بمصبحين - مع ما روى في ترتيب أحوالهم بعد أن أوعدهم عليه السلام بنزول العذاب من أنه لما كانت ضحوة اليوم الرابع تحنطوا بالصبر وتكفنوا بالانطاع فاتتهم صيحة من السماء فتقطعت لها قلوبهم، فإن هذا يقتضي أن أخد الصيحة اياهم بعد الضحوة لا مصبحين. وأجيب بأنه ان صحت الرواية يحمل * (مصبحين) * على كون الصيحة في النهار دون الليل أو أطلق الصبح على زمان ممتد إلى الضحوة وقيل: يجمع بين الآية والخبر بنحو ما جمع به بين الآيتين آنفا، وفيه تأمل فتأمل.
* (فمآ أغنى عنهم ما كانوا يكسبون) * .
* (فما أغنى عنهم) * ولم يدفع عنهم ما نزل بهم * (ما كانوا يكسبون) * من نحت البيوت الوثيقة أو منه ومن جمع الأموال والعدد بل خروا جاثمين هلكى - فما - الأولى نافية وتحتمل الاستفهام و * (ما) * الثانية يحتمل أن تكون
(٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 ... » »»