تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٨٥
الأغلب ولعل الأولى ما ذكرنا. وقرأ أبو السمال. وأبو الحوراء. وأبو عمران الجوني * (بلسن) * بإسكان السين على وزن ذكر وهي لغة في لسان كريش ورياش، وقال صاحب اللوامح: إنه خاص باللغة واللسان يطلق عليها وعلى الجارحة وإلى ذلك ذهب ابن عطية. وقرأ أبو رجاء. وأبو المتوكل. والجحدري * (بلسن) * بضم اللام والسين وهو جمع لسان كعماد وعمد. وقرىء * (بلسن) * بضم اللام وسكون السين وهو مخفف لسن كرسل ورسل * (ليبين) * ذلك الرسول * (لهم) * لأولئك القوم الذين أرسل إليهم ما كلفوا به فيتلقوه منه بسهولة وسرعة فيمتثلوا ذلك من غير حاجة إلى الترجمة وحيث لم تتأت هذه القاعدة في شأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى إخوانه المرسلين أجمعين لعموم بعثته وشموله رسالته الأسود والأحمر والجن والبشر على اختلاف لغاتهم وكان تعدد نظم الكتاب المنزل إليه صلى الله عليه وسلم عليه حسب تعدد ألسنة الأمم أدعى إلى التنازع واختلاف الكلمة وتطرق أيدي التحريف مع أن استقلال بعض من ذلك بالإعجاز مئنة لقدح القادحين، واتفاق الجميع فيه أمر قريب من الإلجاء المنافي للتكليف، وحصل البيان بالترجمة والتفسير اقتضت الحكمة المنبىء عن العزة وجلالة الشأن المستتبع لفوائد غنية عن البيان، على أن الحاجة إلى الترجمة تتضاعف عند التعدد إذ لا بد لكل طائفة من معرفة توافق الكل حذو القذة بالقذة من غير مخالفة ولو في خصلة فذة، وإنما يتم ذلك بمن يترجم عن الكل واحدا أو متعددا وفيه من التعذر ما فيه، ثم لما كان أشرف الأقوام وأولاهم بدعوته عليه الصلاة والسلام قومه الذين بعث بين ظهرانيهم ولغتهم أفضل اللغات نزل الكتاب المبين بلسان عربي مبين وانتشرت أحكامه بين الأمم أجمعين، كذا قرره شيخ الإسلام الإسلام والمسلمين وهو من الحسن بمكان، بيد أن بعضهم أبقى الكلام على عمومه بحيث يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وأراد بالقوم الذين ذلك الرسول منهم وبعث فيهم، والمراد من قومه صلى الله عليه وسلم العرب كلهم، ونقل ذلك أبو شامة في المرشد عن السجستاني واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم: " انزل القرآن على سبعة أحرف " وفيه نظر ظاهر.
وقال ابن قتيبة: المراد منهم قريش ولم ينزل القرآن إلا بلغتهم، وقيل: إنما نزل بلغة مضر خاصة لقول عمر رضي الله تعالى عنه: نزل القرآن بلغة مضر، وعين بعضهم فيما حكاه ابن عبد البر سبعا منهم هذيل وكنانة وقيس وضبة وتيم الرباب وأسيد بن خزيمة وقريش، وأخرج أبو عبيد عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: نزل بلغة الكعبين كعب قريش وكعب خزاعة فقيل: وكيف؟ فقال: لأن الدار واحدة يعني خزاعة كانوا جيران قريش فسهلت عليهم لغتهم؛ وجاء عن أبي صالح عنه أنه قال: نزل على سبع لغات منها خمس بلغة العجز من هوازن ويقال لهم عليا هوازن، ومن هنا قال أبو عمرو بن العلاء: أفصح العرب عليا هوازن وسفى تميم يعني بني دارم، والذي يذهب مذهب السجستاني يقول: إن في القرآن ما نزل بلغة حمير. وكنانة. وجرهم. وأزد شنوءة. ومذحج. وخثعم. وقيس عيلان. وسعد العشيرة. وكندة. وعذرة. وحضرموت. وغسان. ومزينة. ولخم. وجذام. وحنيفة. واليمامة. وسبا. وسليم. وعمارة. وطي. وخزاعة. وعمان. وتميم.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»