تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ١٥١
خبره و * (ألا بذكر الله) * اعتراض و * (طوبى لهم) * دعاء وهو كما ترى، * (وطوبى) * قيل مصدر من طاب كبشرى وزلفى والواو منقلبة من الياء كموسر وموقن، وقرأ مكوزة الأعرابي * (طيبي) * ليسلم الياء، وقال أبو الحسن الهنائي: هي جمع طيبة كما قالوا في كيسة كوسى. وتعقبه أبو حيان بأن فعلى ليست من أبنية الجموع فلعله أراد أنه اسم جمع، وعلى الأول فلهم في المعنى المراد عبارات. فأخرج ابن جرير. وغيره عن ابن عباس أن المعنى فرح وقرة عين لهم، وعن الضحاك غبطة لهم، وعن قتادة حسنى لهم. وفي رواية أخرى عنه أصابوا خيرا، وعن النخعي خير كثير لهم. وفي رواية أخرى عنه كرامة لهم، وعن سميط بن عجلان دوام الخير لهم ويرجع ذلك إلى معنى العيش الطيب لهم. وفي رواية عن ابن عباس. وابن جبير أن * (طوبى) * اسم للجنة بالحبشية وقيل بالهندية، وقال القرطبي: الصحيح أنها علم لشجرة في الجنة، فقد أخرج أحمد. وابن جرير. وابن أبي حاتم. وابن حبان. والطبراني. والبيهقي في البعث والنشور، وصححه السهيلي. وغيره عن عتبة ابن عبد قال: " جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أفني الجنة فاكهة؟ قال: نعم فيها شجرة تدعى طوبى هي نطاق الفردوس قال: أي شجر أرضنا تشبه؟ قال: ليس تشبه شيئا من شجر أرضك ولكن أتيت الشام؟ قال: لا قال: فإنها تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة تنبت على ساق واحد ثم ينتشر أعلاها قال: ما عظم أصلها؟ قال: لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتاها هرما قال: فهل فيها عنب؟ قال: نعم. قال: ما عظم العنقود منه؟ قال: مسيرة شهر للغراب إلا بقع " والأخبار المصرحة بأنها شجرة في الجنة منتشرة جدا، وحينئذ فلا كلام في جواز الابتداء بها وإن كانت نكرة فمسوغ الابتداء بها ما ذهب إليه سيبويه من أنه ذهب بها مذهب الدعاء كقولهم: سلام عليك إلا أنه ذهب ابن مالك إلى أنه التزم فيها الرفع على الابتداء، ورد عليه بأن عيسى الثقفي قرأ * (وحسن مآب) * بالنصب، وخرج ذلك ثعلب على أنه معطوف على طوبى وأنها في موضع نصب، وهي عنده مصدر معمول لمقدر أي طاب واللام للبيان كما في سقيا له، ومنهم من قدر جعل * (طوبى لهم) * وقال صاحب اللوامح: إن التقدير يا طوبى لهم ويا حسن مآب - فحسن - معطوف على المنادي وهو مضاف للضمير واللام مقحمة كما في قوله: يا بؤس للجهل ضرار الأقوام ولذلك سقط التنوين من بؤس وكأنه قيل: يا طوباهم ويا حسن مآبهم أي ما أطيبهم وأحسن مآبهم كما تقول: يا طيبها ليلة أي ما أطيبها ليلة ولا يخفى ما فيه من التكلف. وأجاب السفاقسي عن ابن مالك بأنه يجوز نصب * (حسن) * بمقدر أي ورزقهم حسن مآب وهو بعيد.
وقرىء * (حسن مآب) * بفتح النون ورفع * (مآب) * وخرج ذلك على أن * (حسن) * فعل ماض أصله حسن نقلت ضمة السين إلى الحاء ومثله جائز في فعل إذا كان للمدح أو الذم كما قالوا: حسن ذا أدبا.
* (كذلك أرسلناك فىأمة قد خلت من قبلهآ أمم لتتلو عليهم الذىأوحينآ إليك وهم يكفرون بالرحم‍ان قل هو ربى لاإل‍اه إلا هو عليه توكلت وإليه متاب) * .
* (كذلك) * أي مثل ذلك الإرسال العظيم الشأن المصحوب بالمعجزة الباهرة، ويجوز أن يراد مثل إرسال الرسل قبلك * (أرسلناك في أمة) * فيكون قد شبه إرساله صلى الله عليه وسلم بإرسال من قبله وإن لم يجر لهم ذكر لدلالة قوله تعالى: * (قد خلت) * أي مضت * (من قبلها أمم) * كثيرة قد أرسل إليهم رسل عليهم وروي هذا عن الحسن، وقيل: الكاف متعلقة بالمعنى الذي في قوله تعالى: * (قل إن الله يضل من يشاء) * (الرعد: 27) الخ أي كما أنفذنا ذلك أرسلناك
(١٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 ... » »»