تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ٨١
غير الشرك، وأورد عليه أيضا أن الإيمان يحب ما قبله، وقيل: المراد بالأول طلب المغفرة بالإيمان. وبالثاني التوسل إليه سبحانه بالتوبة عن الشرك، وأورد عليه أن التوسل المذكور لا ينفك عن طلب المغفرة بالإيمان لأنه من لوازمه فلا يكون بعده كما تؤذن به * (ثم) * - وقيل: وقيل - وقد تقدم بعض الكلام في ذلك أول السورة.
* (يرسل السماء) * أي المطر كما في قوله: إذا (نزل السماء) بأرض قوم * رعيناه وإن كانوا غضابا * (عليكم مدرارا) * كثير الدر متتابعة من غير إضرار فمفعال للمبالغة كمعطار. ومقدام.
* (ويزدكم قوة إلى قوتكم) * أي عزا مضموما إلى عزكم أو مع عزكم ويرجع هذا إلى قوله تعالى: * (ويمددكم بأموال وبنين) * (نوح: 12) لأن العز الدنيوي بذلك، وعن الضحاك تفسير - القوة - بالخصب، وعن عكرمة تفسيرها بولد الولد، وقيل: المراد بها قوة الجسم، ورغبهم عليه السلام بكثرة المطر وزيادة القوة لأنهم كانوا أصحاب زروع وبساتين وعمارات، وقيل: حبس الله تعالى عنهم القطر وأعقم أرحام نسائهم ثلاث سنين فوعدهم هود عليه السلام على الاستغفار والتوبة كثرة الأمطار وتضاعف القوة بالتناسل، وقيل: القوة الأولى في الإيمان. والثانية في الأبدان أي يزدكم قوة في إيمانكم إلى قوة في أبدانكم * (ولا تتولوا) * أي لا تعرضوا عما دعوتكم إليه * (مجرمين) * مصرين على ما أنتم عليه من الإجرام، وقيل: مجرمين بالتولي وهو تكلف.
* (قالوا ياهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركىءالهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين) * * (قالوا يا هود ما جئتنا ببينة) * أي بحجة واضحة تدل على صحة دعواك، وإنما قالوه لفرط عنادهم أو لشدة عماهم عن الحق وعدم نظرهم في الآيات فاعتقدوا أن ما هو آية ليس بآية وإلا فهو وغيره من الأنبياء عليهم السلام جاؤوا بالبينات الظاهرة والمعجزات الباهرة وإن لم يعين لنا بعضها، ففي الخبر " ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر " * (وما نحن بتاركي ءالهتنا) * أي بتاركي عبادتها * (عن قولك) * أي بسبب قولك المجرد عن البينة - فعن - للتعليل كما قيل في قوله تعالى: * (إلا عن موعدة وعدها إياه) * وإلى هذا يشير كلام ابن عطية. وغيره، فالجار والمجرور متعلق * (بتاركي) *.
وذهب بعض المحققين إلى أنه متعلق بمحذوف وقع حالا من الضمير المستتر فيه أي صادرين وهو من الصدر مقابل الورد بمعنى الرجوع عن الماء، وقد شاع في كلامهم استعمال الصدر والورد كناية عن العمل والتصرف، ومنه قوله: ما أمس الزمان حاجا إلى من * يتولى الإيراد والإصدارا أي يتصرف في الأمور بصائب رأيه، وقد يكتفي بالصدر في ذلك لاستلزامه للورد فيقولون: لا يصدر إلا عن رأيه، والمعنى هنا حينئذ ما نحن * (بتاركي آلهتنا) * عاملين بقولك، والنفي فيه راجع إلى القيد والمقيد جميعا لأنهم لا يتركون آلهتهم ولا يعملون بقوله عليه السلام، وقيل: إن صادرين بمعنى معرضين وهو قيد للنفي، والمعنى انتفى تركنا عبادة آلهتنا معرضين * (عن قولك) * ويكون هذا جوابا لقوله: * (لا تتولوا) * وجعل بعضهم إرادة ذلك من باب التضمين لا من باب تقدير المتعلق بقرينة * (عن) * وجعله كناية كما علمت، وكلام الزمخشري ظاهر في هذا كما يكشف عنه كلام الكشف * (وما نحن لك بمؤمنين) * أي بمصدقين فيما جئت به أو في كل ما تأتي وتذر، ويندرج فيه ذلك، وقد بالغوا في الإباء عن الإجابة فأنكروا الدليل على نبوته عليه السلام،
(٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 ... » »»