تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٢ - الصفحة ١١٧
بتخفيف الياء قال ابن عطية: وهي لغة، قال أبو حيان: إن حق وصف فعل اللازم أن يكون على وزن فاعل نحو شجيت المرأة فهي شجية فإذا شددت الياء كان على وزن فعيل للمبالغة، وقرأ الحسن - تقية الله - بالتاء والمراد تقواه سبحانه ومراقبته الصارفة عن المعاصي * (وما أنا عليكم بحفيظ) * أحفظكم من القبائح. أو أحفظ عليكم أعمالكم وأجازيكم بها وإنما أنا ناصح مبلغ وقد أعذرت إذ أنذرت ولم آل جهدا. وأو ما أنا بحافظ عليكم نعم الله تعالى لو لم تتركوا سوء صنيعكم.
* (قالوا ياشعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد ءاباؤنآ أو أن نفعل فىأموالنا ما نشؤا إنك لانت الحليم الرشيد) * * (قالوا ي‍اشعيب أصلواتك تأمرك أن نترك ما يعبد ءاباؤنا) * من الأصنام أجابوا بذلك أمره عليه السلام إياهم بعبادة الله تعالى وحده المتضمن لنهيهم عن عبادة الأصنام وغرضهم منه إنكار الوحي الآملا لكنهم بالغوا في ذلك إلى حيث أنكروا أن يكون هناك آمر من العقل وزعموا أن ذلك من أحكام الوسوسة والجنون قاتلهم الله أني يؤفكون، وعلى هذا بنوا استفهامهم وأخرجوا كلامهم وقالوا بطريق الاستهزاء: * (أصلاتك) * التي هي من نتائج الوسوسة وأفاعيل المجانين تأمرك بأن نترك ما استمر على عبادته آباؤنا جيلا بعد جيل من الأوثان والتماثيل. وإنما جعلوه عليه السلام لم يكن يأمرهم من تلقاء نفسه بل من جهة الوحي وأنه كان يعلمهم بأنه مأمور بتبليغه إليهم، وتخصيصهم إسناد الأمر إلى الصلاة من بين سائر أحكام النبوة لأنه عليه السلام كان كثير الصلاة معروفا بذلك، بل أخرج ابن عساكر عن الأحنف أنه عليه السلام كان أكثر الأنبياء صلاة، وكانوا إذا رأوه يصلي يتغامزون ويتضاحكوم فكانت هي من بين شعائر الدين ضحكة لهم، وقيل: إن ذلك لأنه عليه السلام كان يصلي ويقول لهم: إن الصلاة تأمر بالمعروف وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وروي هذا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وإلى الأول ذهب غير واحد، وهذا الإسناد حقيقي لا مجازي غاية ما في الباب أنهم قصدوا الحقيقة تهكما، واختيار المضارع ليدل على العموم بحسب الزمان، وقوله سبحانه: * (أن نترك) * على تقدير - بتكليف أن نترك - فحذف المضاف وهو تكليف، فدخل الجار على * (أن) * ثم حذف وحذفه قبلها مطرد، وعرف التخاطب في مثله يقتضي ذلك، وقيل: إن الداعي إليه أن الشخص لا يكلف بفعل غيره لأنه غير مقدور له أصلا، وقيل: لا تقدير، والمعنى - أصلاتك تأمرك بما ليس في وسعك وعهدتك من أفاعيل غيرك - وغرضهم من ذلك التعريض بركاكة رأيه وحاشاه عليه السلام، والاستهزاء به من تلك الجهة، وتعقب بأنه يأباه دخول الهمزة على الصلاة دون الأمر، ويستدعي أن يصدر عنه عليه السلام في أثناء الدعوة ما يدل على ذلك أو يوهمه، وأني ذلك؟ فتأمل، وقرأ أكثر السبعة - أصلواتك - بالجمع، وأمر الجمع بين القراءتين سهل، وقوله تعالى: * (أو أن نفعل في أموالنا ما نشؤا) * أجابوا به أمره عليه السلام بإيفاء الحقوق ونهيه عن البخس والنقص وهو عطف على * (ما) * وأو بمعنى الواو أي وأن نترك فعلنا ما نشاء في أموالنا من التطفيف وغيره، ولا يصح عطفه على * (أن نترك) * لاستحالة المعنى إذ يصير حينئذ - تأمرك بفعلنا في أموالنا ما نشاء من التطفيف وغيره - وهم منهيون عن ذلك لا مأمورون به، وحمل * (ما) * على ما أشرنا إليه هو الظاهر، وقيل: كانوا يقرضون الدراهم والدنانير ويجرونها مع الصحيحة على جهة التدليس فنهوا عن ذلك فقالوا ما قالوا، وروي هذا عن محمد بن كعب، وأدخل بعضهم ذلك الفعل في العثى في الأرض فيكون انلهي عنه نهيا عنه. ولا مانع من اندراجه في عموم * (ما) *، وقرأ الضحاك بن قيس. وابن أبي عبلة. وزيد بن علي - بالتاء - في الفعلين على الخطاب فعالعطف على مفعول
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»