الجملة الاستفهامية على أنها في موضع المفعول الثاني - لأرأيتم - المتضمنة معنى أخبروني المتعدية إلى مفعولين والغالب في الثاني أن يكون جملة استفهامية، وجواب الشرط ما يدل عليه الجملة السابقة مع متعلقها، والتقدير - إن كنت على بينة من ربي فأخبروني هل يسع لي - الخ فافهم ولا تغفل * (وما اريد) * بنهي إياكم عما أنهاكم عنه من البخس والتطفيف * (أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه) * أي أقصده بعد ما وليتم عنه فأستبد به دونكم كما هو شأن بعض الناس في المنع عن بعض الأمور يقال: خالفني فلأن إلى كذا إذا قصده وأنت مول عنه، وخالفني عنه إذا ولى عنه وأنت قاصده.
قال في البحر: والظاهر على ما ذكروه أن * (أن أخالفكم) * في موضع المفعول به - لأريد - أي وما أريد مخلفتكم، ويكون خالف بمعنى خلف نحو جاوز وجاز، ويكون المعنى وما أريد أن أكون خلفا منكم، و * (إلى) * متعلقة بأخالف أو بمحذوف أي مائلا إلى ما أنهاكم عنه، وقيل: في الكلام فعل محذوف معطوف على المذكور أي وأميل إلى الخ، ويجوز أن يبقى أخالف على ظاهره من املخالفة، ويكون * (أن) * وما بعدها في موضع المفعول به - لأريد - ويقدر مائلا إلى كما تقدم، أو يكون * (أن) * وما بعدها في موضع المفعول له، و * (إلى ما) * متعلقا - بأريد - أي وما أقصد لأجل مخالفتكم إلى ما أنهاكم عنه، وقال الزجاج في معنى ذلك: أي ما أقد بخلافكم إلى ارتكاب ما أنهاكم عنه * (إن أريد) * أي ما أريد بما أقول لكم * (إلا الإصلاح) * أي إلا أن أصلحكم بالنصيحة والموعظة * (ما استطعت) * أي مدة استطاعتي ذلك وتمكني منه لا آلو فيه جهدا - فما - مصدرية ظرفية.
وجوز فيها أن تكون موصولة بدلا من الإصلاح أي المقدار الذي استطعته أو * (إلا الإصلاح) * إصلاح ما استطعت، وهي إما بدل بعض أو كل لأن المتبادر من الإصلاح ما يقدر عليه، وقيل: بدل اشتمال، وعليه وعلى الأول يقدر ضمير أي منه لأنه في مثل ذلك لا بد منه؛ وجوز أيضا أن تكون مفعولا به للمصدر المذكور كقوله: ضعيف النكاية أعداءه * يخال الفرار يراخي الأجل أي ما أريد إلا أن أصلح ما استذعت إصلاحه من فاسدكم، والأبلغ الأظهر ما قدمناه لأن في احتمال البدلية إضمارا وفوات المبالغة؛ وفي الاحتمال الأخير إعمال المصدر المعروف في المفعول به، وفيه - مع أنه لا يجوز عند الكوفيين. ويقل عند البصريين - فواتها، وزيادة إضمار مفعول * (استطعت) * * (وما توفيقي) * أي ما كوني موفقا لتحقيق ما أتوخاه من إصلاحكم * (إلا بالله) * أي بتأييده سبحانه ومعونته.
واختار بعضهم أن يكون المراد - وما توفيقي لإصابة الحق والصواب في كل ما آتي وأذر إلا بهدايته تعالى ومعونته - والظاهر أن المراد وما كل فرد من أفراد توفيقي لما صرحوا به من أن المصدر المضاف من صيغ العموم، ويؤول إلى هذا ما قيل: إن المعنى ما جنس توفيقي لأن انحصار الجنس يقتضي انحصار أفراده لكن على الأول بطريق المفهوم. وعلى الثاني بطريق المنطوق، وتقدير المضاف بعد الباء مما التزمه كثير، وفيه على ما قيل: دفع الاستشكال بأن فاعل التوفيق هو الله تعالى، وأهل العربية يستقبحون نسبة الفعل إلى الفاعل بالباء لأنها تدخل على الآلة فلا يحسن ضربي بزيد، وإنما يقال: من زيد، فالاستعمال الفصيح بناءا على هذا - وما توفيقي إلا من عند الله -