* (ألا إن لله من في السموات ومن في الأرض) * أي إن كل من في ذلك تحت ملكه سبحانه وتصرفه وقهره لا يقدرون على شيء من غير إذنه فهو كالتأكيد لما أفادته الآية السابقة أو أن من فيها الملائكة والثقلين الذين هم أشرف الممكنات عبيد له سبحانه لا يصلح أحد منهم للربوبية فما لا يعقل أحقل بأن لا يصلح لذلك فهو كالدليل على قوله سبحانه: * (وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون) * (يونس: 66) إلا ما يتوهمونه ويتخيلونه شريكا ولا شركة له في الحقيقة * (هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) * إشارة إلى سكون العشاق والمشتاقين في الليل إذا مد أطنابه ونشر جلبابه وميلهم إلى مناجاة محبوبهم وانجذابهم إلى مشاهدة مطلوبهم وتلذذهم بما يرد عليهم من الواردات الإلهية واستغراقهم بأنواع التجليات الربانية، ومن هنا قال بعضهم: لولا الليل لما أحببت البقاء في الدنيا، وهذه حالة عشاق الحضرة وهم العشاق الحقيقيون نفعنا الله تعالى بهم، وأنشد بعض المجازيين: أقضي نهاري بالحديث وبالمنى * ويجمعني بالليل والهم جامع نهاري نهار الناس حتى إذا بدا * لي الليل هزتني إليك المضاجع * (والنهار مبصرا) * أي ألبسه سربال أنوار القدرة لتقضوا فيها حاجاتكم الضرورية، وقيل: الإشارة بذلك إلى ليل الجسم ونهار الروح أي جعل لكم ليل الجسم لتسكنوا فيه ونهار الروح لتبصروا به حقائق الأشياء وما تهتدون به * (إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون) * (يونس: 67) كلام الله تعالى فيقيمون بواطنه وحدوده ويطلعون به على صفاته وأسمائه سبحانه * (وقالوا اتخذ الله ولدا) * أي معلولا يجانسه * (سبحانه) * أي أنزهه جل وعلا من ذلك * (هو الغني) * الذي وجوده بذاته وبه وجود كل شيء وذلك ينافي الغني وأكد غناه جل شأنه بقوله تعالى: * (له ما في السموات) * (يونس: 68) الخ، وقوله سبحانه: * (واتل عليهم نبأ نوح) * (يونس: 71) الخ أمر له صلى الله عليه وسلم أن يتلو عليهم نبأ نوح عليه السلام في صحة توكله على الله تعالى ونظره إلى قومه وشركائهم بعين الغنى وعدم المبالاة بهم وبمكايدهم ليعتبروا به حاله عليه الصلاة والسلام فإن الأنبياء عليهم السلام في ملة التوحيد والقيام بالله تعالى وعدم الالتفات إلى الخلق سواء، أو أمر له صلى الله عليه وسلم بأن يتلو نبأ نوح مع قومه ليتعظ قومه وينزجروا عما هم عليه مما يفضي إلى إهلاكهم * (وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله) * أي إيمانا حقيقيا * (فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين) * (يونس: 84) أي منقادين، أي إن صح إيمانكم يقينا فعليه توكلوا بشرط أن لا يكون لكم فعل ولا تروا لأنفسكم ولا لغيركم قوة ولا تأثيرا بل تكونوا منقادين كالميت بين يدي مغسله، فإن شرط صحة التوكل فناء بقايا الأفعال والقوى * (قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما) * (يونس: 89) أي على ما أنتما عليه من الدعوة شكرا لتلك الإجابة، وقيل: أي استقيما على معرفتكما مقام السؤال وهو مقام الرضوان والبسط ليستجاب لكما بعد إذا دعوتما فإن من لم يعرف مقام السؤال قد يوقعه في غير مقامه فيسىء الأدب فلا يستجاب له، وقيل: إن هذا عتاب لهما عليهما السلام أي قد أجيب دعوتكما لضعفكما عن تحمل وارد امتحاني فاستقيما بعد ذلك على تحمل بلائي والصبر فيه فإنه اللائق بشأنكما، وقد قيل: المعرفة تقتضي الرضا بالقضاء والسكون في البلاء، وقيل: أي استقيما في دعائكما والاستقامة في الدعاء على ما قال ذو النون المصري أن لا يغضب الداعي لتأخير الإجابة ولا يسأل سؤال خصوص نسأل الله تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى.
* (وجاوزنا ببنىإسراءيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذآ أدركه الغرق قال ءامنت أنه لاإلاه إلا الذى ءامنت به بنوا إسراءيل وأنا من المسلمين) * * (وجاوزنا ببني إسرئيل البحر) * من جاوز المكان إذا قطعه وتخطاه، وهو متعد إلى المفعول الأول الذي كان فاعلا في الأصل بالباء وإلى الثاني بنفسه، والمعنى