سماه سبحانه محاربة لله ولرسوله.
* (قالوا إنآ إلى ربنا منقلبون) *.
* (قالوا) * استئناف بياني * (إنا إلى ربنا منقلبون) * أي إلى رحمته سبحانه وثوابه عائدون إن فعلت بنا ذلك فيا حبذاه.
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن جبير أن السحرة حين خروا سجدا رأوا منازلهم تبنى لهم، وأخرج عن الأوزاعي أنهم رفعت لهم الجنة حتى نظروا إليها، ويحتمل أنهم أرادوا إنا ولا بد ميتون فلا ضير فيما تتوعدنا به والأجل محتوم لا يتأخر عن وقته: ومن لم يمت بالسيف مات بغيره * تعددت الأسباب والموت واحد ويحتمل أيضا أن المعنى إنا جميعا ننقلب إلى الله تعالى فيحكم بيننا: إلى ديان يوم الدين نمضي * وعند الله تجتمع الخصوم وضمير الجمع على الأول للسحرة فقط، وعلى الثالث لهم ولفرعون، وعلى الثاني يحتمل الأمرين.
* (وما تنقم منآ إلا أن ءامنا باايات ربنا لما جآءتنا ربنآ أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) *.
* (وما تنقم) * أي ما تكره، وجاء في الماضي نقم ونقم على وزن ضرب وعلم * (منا) * معشر من آمن:
* (إلا أن آمنا بئايات ربنا لما جاءتنا) * وذلك أصل المفاخر وأعظم المحاسن، والاستثناء مفرغ، والمصدر في موضع المفعول به، والكلام على حد قوله: ولا عيب فيهم غير أن ضيوفهم * تعاب بنسيان الأحبة والوطن وقيل: إن * (تنقم) * مضارب نقم بمعنى عاقب، يقال: نقم نقما وتنقاما وانتقم إذا عاقبه، وإلى هذا يشير ما روى عن عطاء، وعليه فيكون * (أن آمنا) * في موضع المفعول له، والمراد على التقديرين حسن طمع فرعون في نجع تهديده إياهم، ويحتمل أن يكون على الثاني تحقيقا لما أشاروا إليه أولا من الرحمة والثواب. ثم أعرضوا عن خاطبته وفزعوا والتجأوا إليه سبحانه وقالوا: * (ربنا أفرغ علينا صبرا) * أي أفض علينا صبرا يغمرنا كما يفرغ الماء، أو صب علينا ما يطهرنا من الآثام وهو الصبر على وعيد فرعون، * (فأفرغ) * على الأول استعارة تبعية تصريحية و * (صبرا) * قرينتها، والمراد هب لنا صبرا تاما كثيرا، وعلى الثاني كيون * (صبرا) * استعارة أصلية مكنية و * (أفرغ) * تخييلية، وقيل: الكلام على الأول كالكلام على الثاني إلا أن الجامع هناك الغمر وههنا التطهير، وليس بذاك وأن جل قائله * (وتوفنا مسلمين) * أي ثابتين على ما رزقتنا من الإسلام غير مفتونين من الوعيد. عن ابن عباس. والكلبي. والسدي أنه فعل بهم ما أوعدهم به، وقيل: لم يقدر عليه لقوله تعالى: * (فلا يصلون إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون) * (القصص: 35).
وأجاب الأولون عن ذلك بأن المراد الغلبة بالحجة أو في عاقبة الأمر ونهايته وهذا لا ينافي قتل البعض.
* (وقال الملا من قوم فرعون أتذر موسى وقومه ليفسدوا فى الارض ويذرك وءالهتك قال سنقتل أبنآءهم ونستحيى نسآءهم وإنا فوقهم قاهرون) *.
* (وقال الملأ من قوم فرعون) * مخاطبين له بعدما شاهدوا من أمر موسى عليه السلام ما شاهدوا. * (أتذر موسى) * أي أتتركه * (وقومه ليفسدوا في الأرض) * أي في أرض مصر.
والمراد بالإفساد ما يشمل الديني والدنيوي، ومفعول الفعل محذوف للتعميم أو أنه منزل منزلة اللازم أو يقدر يفسدوا الناس بدعوتهم إلى دينهم والخروج عليك. أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: لما آمنت السحرة أتبع موسى عليه السلام ستمائة ألف من بني إسرائيل * (ويذرك) * عطف على يفسدوا المنصوب بأن،