تقديم السجود على هذا القول.
وقال الخازن في ذلك: إن الله تعالى لما قذف في قلوبهم الإيمان خروا سجدا لله تعالى على ما هداهم إليه وألهمهم من الإيمان ثم أظهروا بذلك إيمانهم، وقيل: إنهم بادروا إلى السجود تعظيما لشأنه تعالى لما رأوا من عظيم قدرته ثم إنهم أظهروا الإيمان، ومن جعل الجملة حالا قال بالمقارنة فافهم، وأول من بادر بالإيمان كما وري عن ابن إسحق الرؤساء الأربعة الذيت ذكرهم ابن الجوزي ثم اتبعتهم السحرة جميعا.
* (قال فرعون ءامنتم به قبل أن ءاذن لكم إن هاذا لمكر مكرتموه فى المدينة لتخرجوا منهآ أهلها فسوف تعلمون) *.
* (قال فرعون) * منكرا على السحرة موبخا لهم على ما فعلوه * (ءامنتم به) * أي برب موسى وهرون أو بالله تعالى لدلالة ذلك عليه أو بموسى عليه السلام قيل لقوله تعالى في آية أخرى: * (آمنتم له) * (طه: 71) فإن الضمير فيها له عليه السلام لقوله سبحانه: * (إنه لكبيركم) * الخ، والمقصود من الجملة الخبرية التوبيخ لأن الخبر إذا لم يقصد به فائدته ولا لازمها تولد منه بحسب المقام ما يناسبه، وهنا لما خاطبهم الجبار بما فعلوا مخبرا لهم بذلك مع ظهور عدم قصد إفادة أحد الأمرين والمقام هو المقام أفاد التوبيخ والتقريع، ويجوز أن تقدر فيه الهمزة بناء على اطراد ذلكوالاستفهام للانكار بمعنى أنه لا ينبغي ذلك، ويؤيد ذلك قراءة حمزة. والكسائي. وأبي بكر عن عاصم. وروح عن يعقوب * (أآمنتم) * بهمزتين محققتين وتحقيق الأولى وتسهيل الثانية بين بين مما قرىء به أيضا.
* (قبل أن آذن لكم) * أي قبل أن آملاكم أنا بذلك وهو على حد قوله تعالى: * (لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي) * (الكهف: 109) لا أن الاذن منه في ذلك وأصل آذن أأذن بهمزتين الأولى للتكلم، والثانية من صلب الكلمة قلبت الفا لوقوعها ساكنة بعده مة * (إن هذا) * الصنيع * (لمكر مكرتموه) * لحليلة احتلتموها أنتم وموسى وليس مما اقتضى الحال صدوره عنكم لقوة الدليل وظهور المعجزة، وهذا تمويه منه على القبط يريهم أنهم ما غلبوا ولا انقطعت حجتهم، قيل: وكذا قوله: * (قبل أن آذن لكم) * (الأعراف: 123) * (في المدينة) * أي في مصر قبل أن تخرجوا إلى الميعاد.
أخرج ابن جرير. وأبو الشيخ عن ابن مسعود وناس من الصحابة قال: التقى موسى عليه السلام وأمير السحرة فقال له موسى: أرأيتك أن غلبتك أتؤمن بي وتشهد أن ما جئت به حق فقال الساحر: لآتين غدا بسحر لا يغلبه سحر فوالله لئن غلبتني لأمنن بك ولأشهدن أنك حق وفرعون ينظر إليهم وهو الذي نشأ عنه هذا القول * (لتخرجوا منها أهلها) * أي القبط وتخلص لكم ولبني إسرائيل * (فسف تعلمون) * عاقبة ما فعلتم، وهذا وعيد ساقه بطريق الإجمال للتهويل ثم عقبه بالتفصيل [بم فقال:
* (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لاصلبنكم أجمعين) *.
* (لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف) * أي من كل جانب عضوا مغايرا للآخر كاليد من جانب والرجل منآخر، والجار في موضع الحال أي مختلفة، والقول بأن ( من) تعليلية متعلقة بالفعل أي لأجل خلافكم بعيد * (ثم لأصلبنكم أجمعين) * تفضيحا لكم وتنكيلا لأمثالكم، والتصليب مأخوذ من الصلب وهو الشد على خشبة أو غيرها وشاع في تعليق الشخص بنحو حبل في عنقه ليموت وهو المتعارف اليوم، ورأيت في بعض الكتب أن الصلب الذي عناه الجبار هو شد الشخص من تحت الإبطين وتعليقه حتى يهلك، وهوكقطع الأيدي والأرحجل أول من سنه فرعون على ما أخرجه ابن المنذر وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما، وشرعه الله تعالى لقطاع الطريق تعظيما لجرمهم، ولهذا