تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ٩١
" من تواضع لله رفعه الله تعالى، ومن تكبر وضعه الله عز وجل " ومن حديثه رضي الله تعالى عنه " من تواضع لله تعالى رفع الله تعالى حكمته وقال: انتعش نعشك الله ومن تكبر وعدا طوره وهصه الله تعالى إلى الأرض " وقيل: المراد من الأذلاء في الدنيا بالذم واللعن وفي الآخرة بالعذاب بسبب ما ارتكبه من المعصية والتكبر، وإذلال الله تعالى المتكبرين يوم القيامة مما نطقت به الأخبار.
أخرج الترمذي عن عمرو بن شعيب عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يقال له: بولس يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار " وفسر بعضهم الصاغر بالراضي بالذل كما هو المشهور فيه. والمراد وصفه بأنه خسيس الطبع دنيء وأنه رأى نفسه أكبر من غيره وليس بالكبير. ولقد أبدع أبو نواس بقوله خطابا له: سوأة بالعين أنت اختلست الن‍ * - اس غيظا عليهم أجمعينا تهت لما أمرت في سالف الده‍ * - ر وفارقت زمرة الساجدينا عند ما قلت لا أطيق سجودا * لمثال خلقته رب طينا حسدا إذ خلقت من مارج الن‍ * - ار لما كان مبتدأ العالمينا ثم صيرت في القيادة تسعى * يا مجير الزناة واللائطينا وله أيضا من أبيات فيه: تاه على آدم في سجدة * وصار قوادا لذريته * (قال أنظرنى إلى يوم يبعثون) *.
* (قال) * استئناف كما مر مبني على سؤال نشأ مما قبله كأنه قيل: فماذا قال اللعين بعدما سمع ما سمع؟ فقيل: قال: * (أنظرني) * أي أمهلني ولا تمتني * (إلى يوم يبعثون) * أي آدم عليه السلام وذريته وهو وقت النفخة الثانية، وأراد بذلك أن يجد فسحة في الإغواء وأخذ الثأر ونجاة من الموت إذ لا موت بعد البعث.
* (قال إنك من المنظرين) *.
* (قال) * استئناف كما مر * (إنك من المنظرين) * ظاهره * (إلى يوم يبعثون) * (الأعراف: 14) حيث وقع في مقابلة كلامه لكن في سورة الحجر وص التقييد بيوم الوقت المعلوم، واختلف في المراد منه فالمشهور أنه يوم النفخة الأولى دون يوم البعث لأنه ليس بيوم موت، وجوز بعضهم أن يكون المراد منه يوم البعث ولا يلزم أن لا يموت فلعله يموت أول اليوم ويبعث مع الخلق في تضاعيفه. وفي كتاب " العرائس " عن كعب الأحبار أن إبليس إنما يذوق طعم الموت يوم الحشر وذكر في كيفية موته وقبض عزرائيل روحه ما يقضي منه العجب، ولم ترض ذلك الفاضل السفاريني وقال في كتابه " البحور الزاخرة ": أخرج نعيم بن حماد في " الفتن " والحاكم في " المستدرك " عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أنه قال: لا يلبثون - يعني الناس - بعد يأجوج ومأجوج حتى تطلع الشمس من مغربها فتجف الأقلام وتطوى الصحف فلا يقبل من أحد توبة ويخر إبليس ساجدا ينادي إلهي مرني أن أسجد لمن شئت وتجتمع إليه الشياطين فتقول يا سيدنا إلى من نفزع؟ فيقول: إنما سألت ربي أن ينظرني إلى يوم البعث فأنظرني إلى يوم الوقت المعلوم وقد طلعت الشمس من مغربها وهذا يوم الوقت المعلوم وتصير الشياطين ظاهرة في الأرض حتى يقول الرجل: هذا
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»