صاحب " القاموس ".
* (فقال يا قوم اعبدوا الله) * أي وحده، وترك التقييد به للإيذان بأنها العبادة حقيقة وأما العبادة مع الإشراك فكلا عبادة ولدلالة قوله سبحانه وتعالى: * (ما لكم من إله) * أي مستحق للعبادة * (غيره) * عليه، وهو استئناف مسوق لتعليل العبادة المذكورة أو الأمر بها و * (من) * صلة و * (غيره) * بالرفع - وهي قراءة الجمهور - صفة * (إله) * أو بدل منه باعتبار محله الذي هو الرفع على الابتداء أو الفاعلية. وقرأ الكسائي بالجر باعتبار لفظه، وقرىء شاذا بالنصب على الاستثناء، وحكم غير - كما في " المفصل " - حكم الاسم الواقع بعد إلا وهو المشهور أي مالكم إله إلا إياه كقولك: ما في الدار (من) أحد إلا زيدا أو غير زيد، و * (إله) * إن جعل مبتدأ - فلكم - خبره أو خبره محذوف و * (لكم) * للتخصيص والتبيين أي مالكم في الوجود أو في العالم إله غير الله تعالى.
* (إني أخاف عليكم) * إن لم تعبدوا حسبما أمرت به. وتقدير إن لم تؤمنوا لما أن عبادته سبحانه وتعالى تستلزم الإيمان به وهو أهم أنواعها وإنما قال عليه السلام: * (أخاف) * ولم يقطع حنوا عليهم واستجلابا لهم بلطف. * (عذاب يوم عظيم) * هو يوم القيامة أو يوم الطوفان لأنه أعلم بوقوعه إن لم يمتثلوا، والجملة - كما قال شيخ الإسلام - تعليل للعبادة ببيان الصارف عن تركها إثر تعليلها ببيان الداعي إليها، ووصف اليوم بالعظم لبيان عظم ما يقع فيه وتكميل الإنذار.
* (قال الملا من قومه إنا لنراك في ضلال مبين) *.
* (قال الملأ من قومه) * استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية قوله عليه السلام ونصحه لقومه كأنه قيل: فماذا قالوا بعد ما قيل لهم ذلك؟ فقيل: قال الخ. والملأ - على ما قال الفراء - الجماعة من الرجال خاصة. وفسره غير واحد بالأشراف الذين يملأون القلوب بجلالهم والأبصار بجمالهم والمجالس بأتباعهم، وقيل: سموا ملأ لأنهم مليون قادرون على ما يراد منهم من كفاية الأمور * (إنا لنراك في ضلال) * أي ذهاب عن طريق الحق، والرؤية قلبية ومفعولاها الضمير والظرف؛ وقيل: بصرية فيكون الظرف في موضع الحال * (مبين) * أي بين كونه ضلالا.
* (قال ياقوم ليس بى ضلالة ولكني رسول من رب العالمين) *.
* (قال) * استئناف على طرز سابقه * (يا قوم) * ناداهم بإضافتهم إليه استمالة لهم نحو الحق * (ليس بي ضلالة) * نفي للضلال عن نفسه الكريمة على أبلغ وجه فإن التاء للمرة لأن مقام المبالغة في الجواب لقولهم الأحمق يقتضي ذلك والوحدة المستفادة منه باعتبار أقل ما ينطلق فيرجع حاصل المعنى ليس بي أقل قليل من الضلال فضلا عن الضلال المبين، وما يتخايل من أن نفي الماهية أبلغ فإن نفي الشيء مع قيد الوحدة قد يكون بانتفاء الوحدة إلى الكثرة مضمحل بما حقق أن الوحدة ليست صفة مقيدة بل اللفظ موضوع للجزء الأقل وهو الواحد المتحقق مع الكثرة ودونها على أن ملاحظة قيد الوحدة في العام في سياق النفي مدفوع، وكفاك لا رجل شاهدا فإنه موضوع للواحد من الجنس وبذلك فرق بينه وبين أسامة فإذا وقع عاما لا يلحظ ذلك. ولو سلم جواز أن يقال ليس به ضلالة أي ضلالة واحدة بل ضلالات متنوعة ابتداء لكن لا يجوز في مقام المقابلة كما نحن فيه قاله في " الكشف " وبه يندفع ما أورد على " الكشاف " في هذا المقام. وفي " المثل السائر " الأسماء المفردة الواقعة على الجنس التي تكون بينها وبين واحدها تاء التأنيث متى أريد النفي كان استعمال واحدها أبلغ ومتى أريد الإثبات كان استعمالها أبلغ كما في هذه الآية، ولا يظن أنه لما كان الضلال والضلالة مصدرين من قولك: ضل يضل ضلالا وضلالة كان القولان سواء لأن الضلالة هنا ليست عبارة عن