باللام وحدها فجوزوا الوجهين باعتبارين، ولم يؤت هنا بعاطف وأتى به في هود (25). والمؤمنين (23). على ما قال الكرماني: لتقدم ذكر نوح صريحا في هود وضمنا في المؤمنين حيث ذكر فيها قبل * (وعليها وعلى الفلك تحملون) * (المؤمنون: 22) وهو عليه السلام أول من صنعها بخلاف ما هنا.
ونوح بن لمك - بفتحتين وقيل: بفتح فسكون، وقيل: ملكان بميم مفتوحة ولام ساكنة ونون آخره. وقيل: لامك كهاجر - بن متوشلخ بضم الميم وفتح التاء الفوقية والواو وسكون الشين المعجمة على وزن المفعول كما ضبطه غير واحد. وقيل: بفتح الميم وضم المثناة الفوقية المشددة وسكون الواو ولام مفتوحة وخاء معجمة - ابن - أخنوخ بهمزة مفتوحة أوله وخاء معجمة ساكنة ونون مضمومة وواو ساكنة وخاء أيضا، ومعناه في تلك اللغة على ما قيل القراء. وقيل: خنوخ بإسقاط الهمزة وهو إدريس عليه السلام. أخرج ابن إسحاق. وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: بعث نوح عليه السلام في الألف الثاني وإن آدم عليه السلام لم يمت حتى ولد له نوح في آخر الألف الأول. وأخرجا عن مقاتل. وجويبر أن آدم عليه السلام حين كبر ودق عظمه قال: يا رب إلى متى أكد وأسعى؟ قال يا آدم حتى يولد لك ولد مختون فولد له نوح بعد عشرة أبطن وهو يومئذ ابن ألف سنة إلا ستين عاما. وبعث على ما روي عن ابن عباس على رأس (أربعمائة) سنة، وقال مقاتل: وهو ابن مائة سنة. وقيل: وهو ابن خمسين سنة. وقيل: وهو ابن مائتين وخمسين سنة ومكث يدعو قومه تسعمائة وخمسين سنة. وعاش بعد الطوفان مائتين وخمسين فكان عمره ألفا وأربعمائة وخمسين سنة. وبعث - كما روى ابن أبي حاتم وابن عساكر عن قتادة - من الجزيرة. وهو أول نبي عذب الله تعالى قومه وقد لقي منهم ما لم يلقه نبي من الأنبياء عليهم السلام.
واختلف في عموم بعثته عليه السلام ابتداء مع الاتفاق على عمومها انتهاء حيث لم يبق بعد الطوفان سوى من كان معه في السفينة، ولا يقدح القول بالعموم في كون ذلك من خواص نبينا صلى الله عليه وسلم لأن ما هو من خواصه عليه الصلاة والسلام عموم البعثة لكافة الثقلين الجن والإنس وذلك مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة فيكفر منكره بل وكذا الملائكة كما رجحه جمع محققون كالسبكي ومن تبعه وردوا على من خالف ذلك وصريح آية * (ليكون للعالمين نذيرا) * (الفرقان: 1) إذ العالم ما سوى الله تعالى، وخبر مسلم " وأرسلت إلى الخلق كافة " يؤيد ذلك بل قال البارزي: إنه صلى الله عليه وسلم أرسل حتى للجمادات بعد جعلها مدركة. وفائدة الإرسال للمعصوم وغير المكلف طلب إذعانهما لشرفه ودخولهما تحت دعوته واتباعه تشريفا على سائر المرسلين ولا كذلك بعثة نوح عليه السلام. والفرق مثل الصبح ظاهر. وهو - كما في " القاموس " - " اسم أعجمي صرف لخفته "، وجاء عن ابن عباس وعكرمة وجويبر ومقاتل أنه عليه السلام إنما سمي نوحا لكثرة ما ناح على نفسه. واختلف في سبب ذلك فقيل: هو دعوته على قومه بالهلاك. وقيل: مراجعته ربه في شأن ابنه كنعان. وقيل: إنه مر بكلب مجذوم فقال له: اخسأ يا قبيح فأوحى الله إليه أعبتني أم عبت الكلب. وقيل: هو إصرار قومه على الكفر فكان كلما دعاهم وأعرضوا بكى وناح عليهم. قيل: وكان اسمه قبل السكن لسكون الناس إليه بعد آدم عليه السلام. وقيل: عبد الجبار. وأنا لا أعول على شيء من هذه الأخبار والمعول عليه عندي ما هو الظاهر من أنه اسم وضع له حين ولد، وليس مشتقا من النايحة. وأنه كما قال