تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ١٣٠
منها الصدق في طلب المولى ويتوارى به سوأة الطمع في الدنيا وما فيها. ولباس الثاني: محبة ذي المجد الأسنى ويتوارى به سوأة التعلق بالسوي. ولباس الثالث: رؤية العلي الأعلى ويتوارى به سوأة رؤية غيره في الأولى والأخرى. ولباس الرابع: البقاء بهوية ذي القدس الأسنى ويتوارى به سوأة هوية ما في السموات وما في الأرض وما تحت الثرى قيل: وهذا إشارة إلى الحقيقة، وربما يقال: اللباس المواري للسوآت إشارة إلى الشريعة والريش إشارة إلى الطريقة لما أن مدارها على حسن الأخلاق وبذلك يتزين الإنسان ولباس التقوى إشارة إلى الحقيقة لما فيها من ترك السوي وهو أكمل أنواع التقوى * (ذلك) * أي لباس التقوى * (من آيات الله) * أي من أنوار صفاته سبحانه إذ التوقي من صفات النفس لا يتيسر إلا بظهور تجليات صفات الحق أو إنزال الشريعة والحقيقة مما يدل على الله سبحانه وتعالى * (لعلهم يذكرون) * (الأعراف: 26) عند ظهور تلك الأنوار لباسكم الأصلي النوري أو تذكرون معرفتكم له عند أخذ العهد فتتمسكون بأذيالها اليوم * (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان) * بنزع لباس الشريعة والتقوى فتحرموا من دخول الجنة * (كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما) * الفطري النوري * (إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) * (الأعراف: 27) وذلك بمقتضى البشرية وقد يرون بواسطة النور الرباني. * (قل أمر ربي بالقسط) * بالعدل وهو الصراط المستقيم * (وأقيموا وجوهكم) * أي ذواتكم بمنعها عن الميل إلى أحد طرفي الإفراط والتفريط * (عند كل مسجد) * أي مقام سجود أو وقته، والسجود عندهم كما قاله البعض أربعة أقسام سجود الانقياد والطاعة وإقامة الوجه عنده بالإخلاص وترك الالتفات إلى السوي ومراعاة موافقة الأمر وصدق النية والامتناع عن المخالفة في جميع الأمور، وسجود الفناء في الأفعال وإقامة الوجه عنده بأن لا يرى مؤثرا غير الله تعالى أصلا. وسجود الفناء في الصفات وإقامة الوجه عنده بأن لا يكره شيئا من غير أن يميل إلى الإفراط بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا التفريط بالتسخط على المخالف والتعيير له والاستخفاف به. وسجود الفناء في الذات وإقامة الوجه عنده بالغيبة عن البقية والانطماس بالكلية والامتناع عن إثبات الآنية والاثنينية فلا يطغى بحجاب الآنية ولا يتزندق بالإباحة وترك الإطاعة. * (وادعوه مخلصين له الدين) * بتخصيص العمل لله سبحانه أو برؤية العمل منه أو به جل شأنه * (كما بدأكم) * أظهركم بإفاضة هذه التعينات عليكم * (تعودون) * (الأعراف: 29) إليه أو كما بدأكم لطفا أو قهرا تعودون إليه فيعاملكم حسبما بدأكم * (فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة) * كما ثبت ذلك في علمه * (إنهم اتخذوا الشياطين) * من القوى النفسانية الوهمية والتخيلية * (أولياء من دون الله) * للمناسبة التامة بين الفريقين * (ويحسبون أنهم مهتدون) * (الأعراف: 30) لقوة سلطان الوهم * (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد) * فأخلصوا العمل لله تعالى وتوكلوا عليه وقوموا بحق الرضا وتمكنوا في التحقق بالحقيقة ومراعاة حقوق الاستقامة ولكل مقام مقال * (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) * (الأعراف: 31) بالإفراط والتفريط فإن العدالة صراط الله تعالى المستقيم. * (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده) * أي منع عنها وقال: لا يمكن التزين بها * (والطيبات من الرزق) * كعلوم الإخلاص ومقام التوكل والرضا والتمكين * (قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة) * (الأعراف: 32) الكبرى عن التلون وظهور شيء من بقايا الأفعال والصفات والذات * (قل إنما حرم ربي الفواحش) * رذائل
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»