تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ١٢٥
طامعين في دخولها مترقبين له أي لم يدخلوها وهم في وقت عدم الدخول طامعون قاله بعضهم. وفسر الطمع باليقين الحسن وأبو علي وبه فسر في قوله تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام. * (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي) * (الشعراء: 82). وفي " الكشاف " " أن جملة * (لم يدخلوها) * الخ لا محل لها لأنها استئناف كأن سائلا سأل عن حال أصحاب الأعراف فقيل: * (لم يدخلوها وهم يطمعون) * وجوز أن يكون في محل الرفع صفة لرجال " وضعف بالفصل.
* (وإذا صرفت أبص‍ارهم تلقآء أصح‍ابالنار قالوا ربنا لا تجعلنا مع القوم الظ‍المين) *.
* (وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار) * أي إلى جهتهم وهو في الأصل مصدر وليس في المصادر وما هو على وزن تفعال بكسر التاء غيره وغير تبيان وزلزال ثم استعمل ظرف مكان بمعنى جهة اللقاء والمقابلة ويجوز عند السبعة إثبات همزته وهمزة * (أصحاب) * وحذف الأولى وإثبات الثانية. وفي عدم التعرض لتعلق أنظارهم بأصحاب الجنة والتعبير عن تعلق أبصارهم بأصحاب النار بالصرف إشعار - كما قال غير واحد - بأن التعلق الأول بطريق الرغبة والميل والثاني بخلافه، فمن زعم أن في الكلام الأول شرطا محذوفا لم يأت بشيء * (قالوا) * متعوذين بالله سبحانه من سوء ما رأوا من حالهم * (ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين) * أي لا تجمعنا وإياهم في النار. وفي وصفهم بالظلم دون ما هم عليه حينئذ من العذاب وسوء الحال الذي هو الموجب للدعاء إشعار بأن المحذور عندهم ليس نفس العذاب فقط بل ما يؤدي إليه من الظلم. وفي الآية - على ما قيل - إشارة إلى أنه سبحانه لا يجب عليه شيء. وزعم بعضهم أنه ليس المقصود فيها الدعاء بل مجرد استعظام حال الظالمين. وقرأ الأعمش * (وإذا قلبت أبصارهم) *. وعن ابن مسعود وسالم مثل ذلك.
* (ونادى أصح‍ابالاعراف رجالا يعرفونهم بسيم‍اهم قالوا مآ أغنى عنكم جمعكم وما كنتم تستكبرون) *.
* (ونادى أصحاب الأعراف) * كرر ذكرهم مع كفاية الإضمار لزيادة التقرير. وقيل: لم يكتف بالإضمار للفرق بين المراد منهم هنا. والمراد منهم فيما تقدم فإن المنادي هناك الكل وهنا البعض. وفي إطلاق أصحاب الأعراف على أولئك الرجال بناء على أن مآلهم إلى الجنة دليل على أن عنوان الصحبة للشيء لا يستدعي الملازمة له كما زعمه البعض * (رجالا) * من رؤساء الكفرة كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل حين رأوهم فيما بين أصحاب النار * (يعرفونهم بسيماهم) * بعلامتهم التي أعلمهم الله تعالى بها من سواد الوجه وتشويه الخلق وزرقة العين كما قال الجبائي أو بصورهم التي كانوا يعرفونهم بها في الدنيا كما قال أبو مسلم أو بعلامتهم الدالة على سوء حالهم يومئذ وعلى رياستهم في الدنيا كما قيل ولعله الأولى. وأيا ما كان فالجار والمجرور متعلق بما عنده - ويفهم من كلام بعضهم - وفيه بعد أنه متعلق بنادى والمعنى نادوا رجالا يعرفونهم في الدنيا بأسمائهم وكناهم وما يدعون به من الصفات.
* (قالوا) * بيان لنادى أو بدل منه * (ما أغنى عنكم) * استفهام للتقريع والتوبيخ ويجوز أن يراد النفي أي ما كفاكم ما أنتم فيه * (جمعكم) * أتباعكم وأشياعكم أو جمعكم المال فهو مصدر مفعوله مقدر * (وما كنتم تستكبرون) * أي واستكباركم المستمر عن قبول الحق أو على الخلق وهو الأنسب بما بعده. وقرىء * (تستكثرون) * من الكثرة. و * (ما) * على هذه القراءة تحتمل أن تكون اسم موصول على معنى ما أغنى عنكم أتباعكم والذي كنتم تستكثرونه من الأموال. ويحتمل عندي أن تكون في القراءة السبعية كذلك والمراد بها حينئذ الأصنام. ومعنى استكبارهم
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»