تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ١٢٣
نعم " لا أراه صحيحا لما فيه من المخالفة لأصح الفصيح * (فأذن مؤذن) * هو على ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنه صاحب الصور عليه السلام، وقيل: مالك خازن النار. وقيل: ملك من الملائكة غيرهما يأمره الله تعالى بذلك. ورواية الإمامية عن الرضا وابن عباس أنه علي كرم الله تعالى وجهه مما لم يثبت من طريق أهل السنة وبعيد عن هذا الإمام أن يكون مؤذنا وهو إذ ذاك في حظائر القدس * (بينهم) * أي الفريقين لا بين القائلين نعم كما قيل، ولا يرد أن الظاهر أن يقال: بينهما لأنه غير متعين * (أن لعنة الله على الظالمين) * بأن المخففة أو المفسرة، والمراد الإعلام بلعنة الله تعالى لهم زيادة لسرور أصحاب الجنة وحزن أصحاب النار أو ابتداء لعن. وقرأ ابن كثير. وابن عامر. وحمزة. والكسائي * (أن لعنة الله) * بالتشديد والنصب: وقرأ الأعمش بكسر الهمزة على إرادة القول بالتضمين أو التقدير أو على الحكاية بإذن لأنه في معنى القول فيجري مجراه.
* (الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالاخرة ك‍افرون) *.
* (الذين يصدون عن سبيل الله) * أي يصدون بأنفسهم عن دينه سبحانه ويعرضون عنه، فالموصول صفة مقررة للظالمين لأن هذا الإعراض لازم لكل ظالم، وجوز القطع بالرفع أو النصب وكلاهما على الذم وأمر الوقف ظاهر، وفسر الإمام النسفي الصد هنا بمنع الغير وعليه فلا تقرير، والمعنى يمنعون الناس عن دين الله تعالى بالنهي عنه وإدخال الشبه في دلائله * (ويبغونها عوجا) * أي يطلبون اعوجاجها ويذمونها فلا يؤمنون بها أو يطلبون لها تأويلا وإمالة إلى الباطل، فالعوج إما على أصله وهو الميل وإما بمعنى التعويج والإمالة. ونصبه قيل: على الحالية. وقيل: على المفعولية. وجوز الطبرسي " أن يكون نصبا على المصدر كرجع القهقرى واشتمل الصماء، وذكر أن العوج بالكسر يكون في الدين والطريق وبالفتح في الخلقة فيقال في ساقه عوج بالفتح وفي دينه عوج بالكسر "، وقال الراغب: " العوج يقال فيما يدرك بالبصر (سهلا) كالخشب المنتصب ونحوه، والعوج يقال فيما يدرك بفكر وبصيرة كما يكون في أرض بسيط... وكالدين والمعاش "، وسيأتي لذلك تتمة إن شاء الله تعالى. * (وهم بالآخرة كافرون) * أي غير معترفين بالقيامة وما فيها، والجار متعلق بما بعده. والتقديم لرعاية الفواصل، والعدول عن الجملة الفعلية إلى الاسمية للدلالة على الدوام والثبات إشارة إلى رسوخ الكفر فيهم.
* (وبينهما حجاب وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيم‍اهم ونادوا أصح‍ابالجنة أن سل‍ام عليكم لم يدخلوها وهم يطمعون) *.
* (وبينهما حجاب) * أي بين الفريقين كقوله تعالى: * (فضرب بينهم بسور) * (الحديد: 13) أو بين الجنة والنار حجاب عظيم ليمنع وصول أثر إحداهما إلى الأخرى وإن لم يمنع وصول النداء أمور الآخرة لا تقاس بأمور الدنيا. * (وعلى الأعراف) * أي أعراف الحجاب أي أعاليه، وهو السور المضروب بينهما جمع عرف مستعار من عرف الدابة والديك. وقيل: العرف ما ارتفع من الشيء أي أعلى موضع منه لأنه أشرف وأعرف مما انخفض منه. وقيل: ذاك جبل أحد. فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم: " أحد يحبنا ونحبه - و - إنه يوم القيامة يمثل بين الجنة والنار يحبس عليه أقوام يعرفون كلا بسيماهم وهم إن شاء الله تعالى من أهل الجنة ". وقيل: هو الصراط وروي ذلك عن الحسن بن المفضل. وحكي عن بعضهم أنه لم يفسر الأعراف بمكان وأنه قال: المعنى وعلى معرفة أهل الجنة والنار * (رجال) * والحق أنه مكان والرجال طائفة من الموحدين قصرت بهم سيآتهم عن الجنة وتجاوزت
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 ... » »»