تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ١٦٨
سبحانه والرياضة (فأنه) عز شأنه * (غفور) * يسترها عنه * (رحيم) * (الأنعام: 54) يرحمه بهبة التميكن ونعمة الاستقامة * (وكذلك نفصل الآيات) * أي مثل ذلك التبيين الذي بيناه لهؤلاء المؤمنين نبين لك صفاتنا * (ولتستبين سبيل المجرمين) * (الأنعام: 55) وهم المحجوبون بصفاتهم الذين يفعلون لذلك ما يفعلون. والله تعالى الموفق للصواب.
* (قل إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله قل لا أتبع أهوآءكم قد ضللت إذا ومآ أنا من المهتدين) *.
* (قل إني نهيت) * أمر له صلى الله عليه وسلم بالرجوع إلى خطاب المصرين على الشرك إثر ما أمر بمعاملة من عداهم بما يليق بحالهم أي قل لهم قطعا لأطماعهم الفارغة عن ركونك إليهم وبيانا لكون ما هم عليه هوى محضا وضلالا صرفا إني صرفت ومنعت بالأدلة الحقانية والآيات القرآنية * (أن أعبد الذين) * أي عن عبادة الآلهة الذين * (تدعون) * أي تعبدونهم أو تسمونهم آلهة * (من دون الله) * سواء كانوا ذوي عقول أم لا. وقد يقال: إن المراد بهم الأصنام إلا أنه عبر بصيغة العقلاء جريا على زعمهم * (قل لا أتبع أهواءكم) * تكرير الأمر مع قرب العهد اعتناء بشأن المأمور به وإيذانا باختلاف القولين من حيث إن الأول: حكاية لما مر من جهته تعالى من النهي والثاني: (حكاية) لما من جهته عليه الصلاة والسلام من الانتهاء عن عبادة ما يعبدون. وفي هذا القول استجهال لهم وتنصيص على أنهم فيما هم فيه من عبادة غير الله تعالى تابعون لأهواء باطلة وليسوا على شيء مما ينطلق عليه الدين أصلا وإشعار بما يوجب النهي والانتهاء. وفيه - كما قيل - إشارة إلى عدم كفاية التقليد الصرف في مثل هذه المطالب، وقيل - وهو في غاية البعد - إن المراد لا أتبع أهواءكم في طرد المؤمنين.
* (قد ضللت إذا) * أي إن اتبعت أهواءكم فقد ضللت. وهو استئناف مؤكد لانتهائه عليه الصلاة والسلام عما نهي عنه مقرر لكونه في غاية الضلال. وقرأ يحيى بن وثاب * (ضللت) * بكسر اللام وهو لغة فيه، والفتح كما قال أبو عبيدة - هو الغالب -.
* (وما أنا من المهتدين) * عطف على ما قبله، والعدول إلى الإسمية للدلالة على الدوام والاستمرار أي دوام النفي واستمراره لا نفي الدوام والاستمرار، والمراد - كما قيل -، وما أنا إذا في شيء من الهدى حتى أعد في عدادهم، وفيه تعريض بأن المقول لهم كذلك.
* (قل إنى على بينة من ربى وكذبتم به ما عندى ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الف‍اصلين) *.
* (قل إني على بينة) * (تبيين) للحق الذي عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيان لاتباعه إياه إثر إبطال الباطل الذي فيه الكفرة وبيان عدم اتباعه عليه الصلاة والسلام له في وقت من الأوقات. والبينة - كما قال الراغب - الدلالة الواضحة من بان يبين إذا ظهر أو الحجة الفاصلة بين الحق والباطل على أنها من البينونة أي الانفصال، وأيا ما كان فالمراد بها القرآن - كما قال الجبائي - وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن المراد إني على يقين. وعن الحسن أن المراد بها النبوة وهو غير ظاهر كتفسيرها بالحجج العقلية أو ما يعمها، والتنوين للتفخيم أي بينة جليلة الشأن.
* (من ربي) * أي كائنة من جهته سبحانه. ووصفها بذلك لتأكيد ما أفاده التنوين. وجوز أن تكون * (من) * اتصالية، وفي الكلام مضاف أي بينة متصلة بمعرفة ربي، وقيل: هي أجلية متعلقة بما تعلق به الخبر ويقدر المضاف أيضا أي كائن على بينة لأجل معرفة ربي والأول أظهر، وفي التعرض لعنوان الربوبية مع الإضافة إلى ضميره صلى الله عليه وسلم من التشريف ورفع المنزلة ما لا يخفى.
وقوله سبحانه: * (وكذبتم به) * - كما قال أبو البقاء - جملة إما مستأنفة أو حالية بتقدير قد في المشهور جيء
(١٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 ... » »»