يريدون وجهه) * (الكهف: 28) * (ما عليك من حسابهم من شيء) * (الأنعام: 52) ويثاب هذا بأنواع النعيم في الجنان كلها. ومن وقف مع الغير بالشرك وقف على الرب تعالى وعذب بأنواع العذاب لأن الشرك ظلم عظيم. ومن وقف مع الناسوت بمحبة الشهوات وقف على الملكوت وعذب بنيران الحرمان وسلط عليه زبانية الهيئات المظلمة وقرن بشياطين الأهواء المردية، ومن وقف مع الأفعال وقف على الجبروت وعذب بنار الطمع والرجاء ورد إلى مقام الملكوت، ومن وقف مع الصفات وقف على الذات وعذب بنار الشوق والهجران. وليس هذا هو الوقوف عل الرب لأن فيه حجاب الأنية وفي الوقوف على الذات معرفة الرب الموصوف بصفات اللطف. والمشرك موقوف أولا على الرب فيحجب بالرد والطرد * (اخسئوا فيها ولا تكلمون) * (المؤمنون: 108) ثم على الجبروت فيطرد بالسخط واللعن * (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة) * (آل عمران: 77) ثم على الملكوت فيزجر بالغضب واللعن * (قيل ادخلوا أبواب جهنم) * (الزمر: 72) ثم على النار يسجرون فيعذب بأنواع النيران أبدا فيكون وقفه على النار متأخرا عن وقفه على الرب تعالى معلولا له كما قال تعالى: * (ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون) * (يونس: 70) وأما الواقف مع الناسوت فيوقف للحساب على الملكوت ثم على النار. وقد ينجو لعدم السخط وقد لا ينجو لوجوده. والواقف مع الأفعال لا يوقف على النار أصلا بل يحاسب ويدخل الجنة. وأما الواقف مع الصفات فهو من الذين رضي الله تعالى عنهم ورضوا عنه انتهى. فتأمل فيه * (قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة) * وهي القيامة الصغرى أعني الموت. حكي عن بعض الكبار أنه قيل له: إن فلانا مات فجأة فقال: لا عجب إذ من لم يمت فجأة مرض فجأة فمات * (قالوا يا حسرتنا على ما فرطنا فيها) * أي في حق تلك الساعة بترك العمل النافع * (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم) * (الأنعام: 31) تصوير لحالهم * (وما الحياة الدنيا) * أي الحياة الحسية فإن المحسوس أدنى وأقرب من المعقول * (إلا لعب ولهو) * لا أصل له ولا حقيقة سريع الفناء والانقضاء وللدار الآخرة) * أي عالم الروحانيات * (خير للذين يتقون) * وهم المتجردون عن ملابس الصفات البشرية واللذات البدنية * (قد نعلم إنه ليحزنك) * لمقتضى البشرية * (الذي يقولون) * ما يقولون * (فإنهم لا يكذبونك) * في الحقيقة * (ولكن الظالمين بآيات الله) * التي تجلى بها * (يجحدون) * (الأنعام: 33) فهو سبحانه ينتقم منهم * (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) * فتأس بهم وانتظر الغاية * (ولا مبدل لكلمات الله) * (الأنعام: 34) التي يتجلى بها لعباده فليطمئن قلبك ولا تكونن من الجاهلين الذين لا يطلعون على حكمة تفاوت الاستعدادات فتتأسف على احتجاب من احتجب وتكذيب من كذب. والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.
* (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون) *.
* (إنما يستجيب الذين يسمعون) * تقرير لما يفهمه الكلام السابق من أنهم لا يؤمنون. والاستجابة بمعنى الإجابة، وكثيرا ما أجرى استفعل مجرى أفعل كاستخلص بمعنى أخلص واستوقد بمعنى أوقد إلى غير ذلك. ومنه قول الغنوي: وداع دعا يا من يجيب إلى الندا $ فلم يستجبه عند ذاك مجيب ويدل على ذلك أنه قال مجيب ولم يقل مستجيب، ومنهم من فرق بين استجاب وأجاب بأن استجاب يدل على قبول، والمراد بالسماع الفرد الكامل وهو سماع الفهم والتدبر بجعل ما عداه كلا سماع أي إنما يجيب دعوتك إلى الإيمان الذين يسمعون ما يلقى إليهم سماع فهم وتدبر دون الموتى الذين هؤلاء منهم كقوله تعالى: * (إنك لا تسمع الموتى) *.
* (والموتى) * أي الكفار كما قال الحسن،