تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٧ - الصفحة ١٤٠
* (وهو السميع العليم) * (الأنعام: 13) فيسمع خواطرها السيئة والحسنة ويعلم شرها وخيرها أو فيسمع أنينها في شوقه ويعلم انسهابه أو نحو ذلك. * (قل أغير الله أتخذ وليا) * أي ناصرا ومعينا * (فاطر السموات والأرض) * أي مبدعهما فهي ملكه سبحانه ونسبة المملوك إلى المالك نسبة اللاشيء إلى الشيء * (وهو يطعم ولا يطعم) * فهو الغني المطلق وغيره جل شأنه محتاج بحت وطلب المحتاج من المحتاج سفه في رأيه وضلة من عقله * (قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم) * نفسه لربه عز شأنه، والمراد بالأمر بذلك الأمر الكوني أي: قل إني قيل لي: كن أول من أسلم فكنت، وذلك قبل ظهور هذه التعينات وإليه الإشارة بما شاع من قوله صلى الله عليه وسلم: " كنت نبيا وآدم بين الماء والطين " فأول روح ركضت في ميدان الخضوع والانقياد والمحبة روح نبينا صلى الله عليه وسلم وقد أسلم نفسه لمولاه بلا واسطة وكل إخوانه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما أسلموا نفوسهم بواسطته عليه الصلاة والسلام، فهو صلى الله عليه وسلم المرسل إلى الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام في عالم الأرواح وكلهم أمته وهم نوابه في عالم الشهادة، ولا ينافي ذلك أمره عليه الصلاة والسلام باتباع بعضهم في النشأة الجسمانية لأن ذلك لمحض استجلاب المعتقدين بأولئك البعض على أحسن وجه * (ولا تكونن من المشركين) * (الأنعام: 14) أي وقيل لي: لا تكونن ممن أشرك مع الله تعالى أحدا بشيء من الأشياء. * (وهو القاهر فوق عباده) * بإفنائهم والتصرف بهم كيف شاء * (وهو الحكيم) * أي الذي يفعل ما يفعل في عباده بالحكمة * (الخبير) * (الأنعام: 18) الذي يطلع على خفايا الأحوال ومراتب الاستحقاق * (قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم) * (الأنعام: 19) بإظهار المعجزات، وأعظم من ذلك عند العارفين ظهور أنوار الله تعالى في مرآة وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم * (الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) * (الأنعام: 20) وذلك بالصفات التي وجدوها في كتابهم لا بالنور المتلألىء على صفحات ذلك الوجه الكريم * (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) * بإثبات وجود غيره تعالى أو كذب بآياته فأظهر صفات نفسه * (إنه لا يفلح الظالمون) * (الأنعام: 21) لاحتجابهم بما وضعوه في موضع ذات الله تعالى وصفاته جل وعلا * (ويوم نحشرهم جميعا) * وهو يوم القيامة الكبرى وعين الجمع * (ثم نقول للذين أشركوا) * بإثبات الغير * (أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) * (الأنعم: 22) أنهم شركاء ولهم وجود * (ثم لم تكن فتنتهم) * أي نهاية شركهم عند ظهور الأمر وبروز الكل لله الواحد القهار * (إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) * (الأنعام: 23) لامتناع وجود شيء نشركه * (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) * بنفي الشرك عنها مع رسوخ ذلك الاعتقاد فيها * (وضل) * أي ضاع * (عنهم ما كانوا يفترون) * (الأنعام: 24) فلم يجدوه * (ومنهم من يستمع إليك) * من حيث أنت * (وجعلنا على قلوبهم أكنة) * حسبما اقتضاه استعدادهم * (أن يفقهوه) * وهي ظلمات النفس الأمارة * (وفي آذانهم وقرا) * وهو وقر الضلالة * (وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) * (الأنعام: 25) لأن على أبصارهم غشاوة العجب والجهل * (ولو ترى إذ وقفوا على النار) * وهي نار الحرمان * (فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا) * من تجليات صفاته * (ونكون من المؤمنين) * (الأنعام: 27) أي الموحدين * (بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل) * في أنفسهم من الملكات الرديئة والهيئات المظلمة والصفات المهلكة * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) * لرسوخ ذلك فيهم * (وإنهم لكاذبون) * (الأنعام: 28) في الدنيا والآخرة لأن الكذب عن ملكة فيهم * (ولو ترى إذ وقفوا على ربهم) * الآية قال بعض أهل التأويل: هذا تصوير لحالهم في الاحتجاب والبعد وإن كانوا في عين الجمع المطلق، والوقوف على الشيء غير الوقوف معه فإن الأول: لا يكون إلا كرها والثاني: يكون طوعا ورغبة، فالواقف مع الله سبحانه بالتوحيد لا يوقف للحساب، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: * (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي
(١٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 ... » »»