تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٥ - الصفحة ١٠٠
السلام عليك يا زيد لم يسقط برد غيره، ولو قال: يا فلان أو أشار لمعين سقط، ولو سلم جمع مترتبون على واحد فرد مرة قاصدا جميعهم، وكذا لو أطلق على الأوجه أجزأه ما لم يحصل فصل ضار، ولا بد في الابتداء والرد من رفع الصوت بقدر ما يحصل به السماع بالفعل ولو في ثقيل السمع، نعم إن مر عليه سريعا بحيث لم يبلغه صوته فالذي يظهر أنه يلزمه الرفع وسعه، ولا يجهر بالرد الجهر الكثير، والمروي عن الإمام رضي الله تعالى عنه لعله مقيد بغير هذه الصورة دون العدو خلفه، واستظهر أنه لا بد من سماع جميع الصيغة ابتداءا وردا، والفرق بينه وبين إجابة أذان سمع بعضه ظاهر، ولو سلم يهودي أو نصراني أو مجوسي فلا بأس بالرد، ولكن لا يزيد في الجواب على قوله: وعليك كما في " الخانية "، وروي ذلك مرفوعا في الصحيح، ولا يسلم ابتداءا على كافر لقوله عليه الصلاة والسلام: " لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه " رواه البخاري؛ وأوجب بعض الشافعية رد سلام الذمي بعليك فقط، وهو الذي يقتضيه كلام " الروضة " لكن قال البلقيني والأذرعي والزركشي: إنه يسن ولا يجب، وعن الحسن يجوز أن يقال للكافر: وعليك السلام، ولا يقل رحمة الله تعالى فإنها استغفار، وعن الشعبي أنه قال لنصراني سلم عليه ذلك - فقيل له فيه فقال: أليس في رحمة الله تعالى يعيش. وأخرج ابن المنذر من طريق يونس بن عبيد عن الحسن أنه قال في الآية: إن - حيوا بأحسن منها - للمسلمين أو ردوها لأهل الكتاب، وورد مثله عن قتادة، ورخص بعض العلماء ابتداءهم به إذا دعت إليه داعية ويؤدي حينئذ بالسلام، فعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه كان يقول للذمي - والظاهر عند الحاجة - السلام عليك ويريد - كما قال الله تعالى عليك - أي هو عدوك، ولا مانع عندي إن لم يقصد ذلك من أن يقصد الدعاء له بالسلامة بمعنى البقاء حيا ليسلم أو يعطي الجزية ذليلا، وفي " الأشباه " النص على ذلك في الدعاء له بطول البقاء، بقي الخلاف في الاتيان بالواو عند الرد له، وعامة المحدثين - كما قال الخطابي - بإثباتها في الخبر غير سفيان بن عيينة فإنه يرويه بغير واو، واستصوب لأن الواو تقتضي الاشتراك معه، والدخول فيما قال، وهو قد يقول السام عليكم كما يدل عليه خبر عمر رضي الله تعالى عنه، ووجه العلامة الطيبي إثباتها بأن مدخولها قد يقطع عما عطف عليه لإفادة العموم بحسب اقتضاء المقام فيقدر هنا عليكم اللعنة، أو الغضب، وعليكم ما قلتم، ولا يخفى خفاء ذلك، وإن أيده بما ظنه شيئا فالأولى ما في " الكشف " من أن رواية الجمهور هو الصواب وهما مشتركان في أنهما على سبيل الدعاء. ولكن يستجاب دعاء المسلم على الكافر ولا يستجاب دعاؤه عليه، فقد جاء في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم لما قالت عائشة في رهط اليهود القائلين له عليه الصلاة والسلام: " السام عليك، بل عليكم السام واللعنة، أنه صلى الله عليه وسلم قال: لا تكوني فاحشة، قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟! قال: رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في " ويجب في الرد على الأصم الجمع بين اللفظ والإشارة ليعلم، بل العلم هو المدار، ولا يلزمه الرد إلا إن جمع له المسلم عليه بينهما، وتكفي إشارة الأخرس ابتداءا وردا ويجب رد جواب كتاب التحية كرد السلام. وعند الشافعية يكفي جوابه كتابة ويجب فيها - إن لم يرد لفظا - الفور فيما يظهر، ويحتمل خلافه، ولو قال لآخر: أقرىء فلانا السلام يجب عليه أن يبلغه وعللوه بأن ذلك أمانة ويجب أداؤهما، ويؤخذ منه أن محله ما إذا رضي بتحمل تلك الأمانة أما لو ردها فلا، وكذا إن سكت أخذا من قولهم: لا ينسب لساكت قول،
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»